[ALIGN=JUSTIFY]


النظرة النصفية إلى الشيء - أي شيء كان - لا تعكس حقيقة ذلك الشيء ككل، وذلك لأن النصف سيظل نصفاً، ومن هنا فهو ليس مخولا أن يحكم على الكل. بل إن النظرة النصفية قد تجني أحيانا على الكل، وتحول الأمر إلى ضده، فاللوحة الزيتية الجميلة التي رسمتها يد فنان ماهر قد تتحول إلى منظر بشع عندما نغطي نصفها بالمنديل، والطبيب الذي لم يستوعب إلا نصف الطب قد يقع في أخطاء قاتلة تلقي بالذين يراجعونه بين أنياب الموت، ولذلك قيل: "أحيانا يكون الجهل المطلق خيراً من الفهم الناقص".
للسياق أثر كبير على مقصود دلالة المتكلم، وأقصد بـ"السياق": الجو العام الذي يحيط بالكلمة وما يكتنفها من قرائن وعلامات .
إن الكلمة الواحدة والجملة الواحدة قد تحمل مدلولين متناقضين تماماً دون أن تختلف الكلمة في بنائها الداخلي، وإنما الذي تغير هو السياق والقرائن المحيطة. فقد يقول الأب لابنه: "افعل الأمر الفلاني" وهو يقصد المعنى الظاهري لهذه الكلمة، وقد يستخدم نفس الكلمة ويقصد بها التهديد الذي نستطيع اكتشافه من خلال القرائن، وهنا ينقلب معنى "افعل" إلى معنى مناقض تماماً - هو: "لا تفعل."
لقد أصاب النظام الرياضي لدينا ما أصاب غيره من "الفهم النصفي" و "النظرات التجزيئية"، فتحول إلى أشلاء مبعثرة ومقاطع متفرقة لا يرتبط أحدها بالآخر، بل ويتناقض بعضها مع البعض الآخر أحياناً، وكأنه خُصص لنادٍ دون آخر .
فماذا يحدث عندما نأخذ الجسم الحي ونحوله تحت ضربات المبضع إلى أجزاء متفرقة؟
ألا يعني ذلك تعطيله عن العمل؟ وهذا هو - بالضبط – ما فعله من وسموا بالرمزوية ـ الكاذبة ـ بقوانين الرياضة حتى رأيناهم مع بعض فِراخهم ـ على سبيل المثال ـ يفرقون بين أخطاء الحكام المتشابهة لحد التطابق أو قراراتهم التقديرية بحسب النادي المستفيد او المتضرر على نحو نظرية المؤامرة والتآمر ، بل لا يُمانعون مطلقا من توشح زي المحامي لناد ضد آخر بدعوى الدفاع عن الحق ! بينما الواقع ينطق بعكس ذلك ، وأدلتهم رفع الصوت بالباطل والتعالم والسخرية وضحكات الاستهزاء وسط مباركة من الغوغاء لشعورهم أنهم نالوا حقا او فازوا بمعدنٍ نفيس .
فلا يوجد ثبات إلا للحقيقة ومهما حاولت النظريات أن تصوّر عكس ذلك وتشبه الباطل بالحق في بعض الأوقات فإن ذلك لن يبدل شيئاً ولا وجود له إلا في أذهانهم فقط.
وهل يمكن أن نستمد الحق من الباطل أو نثبت الوجود بالعدم ونعتمد عليه في الوصول إلى الحقائق كأساس علمي رصين.

إذا فيجب أن تكون الحقيقة هي الثابت الذي ينبغي أن يتمحور حوله الجميع، وما عداها لا ثبات له ، ومن هنا لا يمكن التخلي عن الثابت لأجل المتغير المتحرك فضلاً عن جعله محوراً ندور حوله ونرتكز عليه في اتخاذ المواقف والقرارات ـ قريبة أو بعيدة المفعول ـ خصوصاً حين تكون آليتها وتوجهها هو التعامل مع الأخر.
من هنا يولد التوافق الذي يُبرز الوحدة الوطنية فينا ، والكلام على هذا والحاجة إليه يتجددان كلما تأزمت الأحوال وكلما انفرجت أو كلما بدا أن هذه الأحوال ستتأزم وكلما بدا أنها ستنفرج. فهو، إذاً، كلام قد يصخب أو يخفف لكنه لا يتوقف. والآن، فيما الحال هكذا والحاجة إلى منفرج تشتد، يتجدد الكلام وينهمك الجميع فيه. لكن هذا لا يعني أن موجة الاتهامات الحالية سوف تفضي بالضرورة إلى جديد لم تفض إليه اتهامات سابقة....
إن حجر القوانين الرياضية تحت وطأة الفئوية ـ لنوادي دون أخرى او على أندية دون أخرى ـ يجعل المجتمع الرياضي المحلي بجميع أطرافه أمام الرأي العربي و العالمي وسط صورة مهزوزة لا تشفع له بالبقاء والمنافسة او حتى الاستعانة بمحترفيه المحليين بشكل فعال أو الاستعانة بحكامه في منافسات عالمية بصورة فعاله تعكس حقيقة التطور الذي نعيشه .[/ALIGN]