[ قهوة الثلاثاء - 47 ] .. قراءة مختصرة في حركة ( الأخوان المسلمين ) وعلاقتها بالمدارس الإسلامية ،،،
كثر الحديث حول حركة الاخوان المسلمين نتيجة حضورهم مؤخرا في المشهد السياسي مع أحداث الربيع العربي الذي جعل منهم رقما صعبا في صناعة قرار ومستقبل تلك الدول وأثر ذلك على المجتمع الأقليمي والدولي ،،،
ومع هذا اللغط الذي اصبح يحيط بهذه الحركة بين مؤيد ومعارض وبين من يصفها بالسلمية وآخرون يصفونها بالإرهاب ! .. أود في هذا الموضوع تناول أثر هذه الحركة على الأسلام كدين .. والمسلمين كمنهج .. من حيث الافكار التي تطرحها والموضوعات التي تتناولها بحيث يكون لدينا تصور متواضع حيال هذه الحركة وما تدعو اليه ،،،
في التاريخ الاسلامي الحديث ( وفق منهاج أهل السنة والجماعة ) هنالك خمس مدارس اسلامية كبرى ، وهم كالتالي :
1 - المدرسة السلفية :
وقد أعتنت جيدا في تناول ما يرتبط بالعقيدة الاسلامية التي تشكل الرباط الوثيق بين الانسان وربه .. لذلك ساهمت هذه المدرسة بشكل كبير في حماية المعتقد الاسلامي من السلوكيات والافكار التي قد تخرج الانسان بقصد أو غير قصد من الاسلام كالدعاء لغير الله أو الحلف بغيره أو التوسل بالقبور ... الخ المعتقدات الضالة التي هدمها الاسلام .. وهذه المدرسة يتهمها خصومها بأنها لا تقبل التعايش مع الاخرين ولا تقدم حلول لمشكلات المجتمع كما انها تميل للتعبير عن نفسها بالعنف ،،،
2 - مدرسة التبليغ :
وهي توظف جهودها في تعليم الناس عباداتهم وتهذيب اخلاقياتهم .. لذلك ساهمت هذه المدرسة في كثير من اقطار العالم الاسلامي تحديدا وفي كثير من الدول العربية خاصة في القرى والبوادي النائية في تعليم الناس كيف يعبدون الله ويتحلون بالخلق الاسلامي القويم .. وهذه المدرسة يتهما خصومها بأنها أعتنت بجانب من الاسلام وتجاهلت الجوانب الأخرى ،،،
3 - المدرسة الصوفية :
وهي تعتني في المسائل الروحانية من خلال الزهد في متاع الدينا والتقشف في متطلبات الحياة وتوظيف قدرات الشخص وجهده نحو معرفة الله والقرب منه من خلال العبادة والتفكر .. وهذه المدرسة يتهما خصومها بأنها بدعة وانها تخالف العقيدة في بعض ممارسات اتباعها ،،،
4 - المدرسة الجهادية :
وهي تهتم في التحريض نحو التصدي للأحتلال والعدوان الذي تعرضت له كثير من الاقطار العربية والاسلامية في السابق وحاليا ايضا .. وهذه المدرسة يتهمها خصومها بالأرهاب وزعزعة السلم العالمي ،،،
5 - مدرسة الأخوان المسلمون :
وهي تعتني في التصدي للأفكار والقيم والمدارس الغربية كاليبرالية والعلمانية والاشتراكية والاجتهاد في البحث عن حلول اسلامية لمتطلبات الحياة العصرية .. ولسنا في حاجة لتناول انتقادات الخصوم فالقنوات الاعلامية مؤخرا قد تكفلت بذلك مما ورد أعلاه يمكن ان نخلص الى التالي :
1 - ان هذه المدارس وتنوعها كانت نتاج اتساع الرقعه الاسلامية من حيث الارض والانسان وتباين حاجات كل منطقة ومجتمعها عن حاجات ومناطق أخرى .. وحقيقة من وجهة نظري عندما ننظر الى هذه المدارس ككل متكامل فأننا نجد أنفسنا امام مرحلة اثراء للقيم الفكرية والسلوكية في تاريخ الاسلام الحديث .
2 - ان جميع هذه المدارس لديها الكثير من الخصوم سواء على الصعيد الاقليمي أو العالمي .. وربما كان النصيب الأكبر موجه حيال كل من مدرستي السلفية والأخوان والتي ينظر اليهما دائما بأنهما حاضنتان للسلوك الارهابي ! .. فالقاعدة نشأت من رحم السلفية .. والجماعات التكفيرية نشأت من رحم الأخوان ! .. ومن وجهة نظري ان انحراف البعض او مجموعة عن المنهج السلفي او الاخواني وتبنيه بالمقابل فكرة تكفير المجتمع او تغييره بالعنف لا يعكس بالضرورة ان الافكار السلفية او الاخوانية باطلة .. فكما نقول ان ليس هنالك مجتمع يخلو من الجريمة .. فليس هنالك فكرة او منهج لا يخلو من غلو وتطرف بعض اتباعها ،،،
3 - المدرسة الصوفية وجماعة التبليغ ايضا اتهموا كثيرا في افكارهم وسلوكياتهم نتاج شطط بعض اتباعهم .. وكان من الخطأ من وجهة نظري ان نتجاهل جوهر كلا المدرستين والتزام شريحة من اتباعهم بالوسطية في الاتباع لكي نكيل لهم الكثير من التهم والشبهات ،،،
4 - الجهاد جزء أصيل من عقيدتنا كمسلمين .. والعدوان على بلاد المسلمين وعلى ارواحنا ومعتقداتنا تستلزم من المسلمين الذود عن انفسهم .. ولا نستطيع ان نسقط فرض الجهاد من القران والسنة او تناول وتعاطي موضوعاته على استحياء ! .. نتيجة ان هنالك جماعات اتخذت منهجا متطرفا في تناول الجهاد حتى بلغ أثره قتل المسلمين وتهديد أمنهم واستنزاف ممتلكاتهم ،،،
5 - سوف نجد ان هذه المدارس يتداخل كل منها مع الاخر .. فالاسلام كل متكامل وقد اعتنى في نصوصه وتشريعاته بجوانب عدة من متطلبات حياتنا وعلاقتنا مع الله والآخرين .. لذلك كان من الطبيعي على سبيل المثال ان يصف الاخوان انفسهم بانهم عقيدة سلفية .. وان يهتم بعض السلفيين بمواكبة متطلبات العصر والتصدي لبعض القيم والسلوكيات الغربية .. ولكن تبقى لكل مدرسة ما يميزها من الجوانب التي تعتني بها وابدعت في تناولها والتعاطي مع متطلباتها ،،،
ختاما .. يبدو لي اننا كمجتمعات مسلمة في حاجة الى مزيد من العلم الذي يجعلنا نتناول كثير من قضايا مجتمعاتنا بشئ من العقلانية والتروي عوضا عن التهجم وسلوك اقصاء الاخر .. وفي حاجة ان تتسع عقولنا لأحتواء الكثير من القيم التي نشترك في تبنيها ونختلف في الطريقة التي ننتهجها .. وفي حاجة الى وضع خطوط عريضة للتمييز بين الضحية والمتهم وبين ما هو مقبول وليس مقبول .. حتى نرتقي قليلا من التهم التي نتبادلها والمجازر التي نجز بها كل منا عنق الآخر .. حقيقة لقد اصبحت تهمة ( ارهابي ) أو ( كافر ) من التهم السخيفة والساذجة التي نتداولها في حياتنا وفي قنواتنا الفضائية وفي تصاريحنا السياسية .. واتمنى ان نهدأ قليلا من كمية الحطب التي لا زلنا نلقي بها في النار ،،،
ودمتـم في خيـر