
03/03/2013, 04:01 PM
|
زعيــم مميــز | | تاريخ التسجيل: 21/12/2005
مشاركات: 2,456
| |
أحلام ناقصة "قصة قصيرة" "ملاحظة صغيرة.. هذه القصة هي واجب جامعي لأختي طالبة رياض الأطفال, كتبتها سريعاً, ولهذا أعتذر لسوئها مقدماً" أحلام ناقصة.. أخيراً.. تغلق حاسوبها بعد أن انتهت من إرسال مقالتها الأخيرة إلى الدورية الصحية التي تصدر عن دار رعاية الأطفال في الحي المجاور. كانت المجلة قد أبرمت اتفاقاً معها قبل مايزيد عن سنة من الآن لأجل أن تكتب لهم مقالاً شهرياً تحكي قصتها. القصة القصيرة بحساب الوقت والناس والزمان. والتي لم تنهها بعد. بحساب المعاناة والإحباط وأحياناً اليأس ! تشعر بسكينة عميقة لأن عملاً ما قد أضيف إلى أرشيفها ككاتبة. بصرف النظر عن الظرف والحالة التي استدعت أن تكتب شيئاً كهذا. شعرت وكأن حملاً ثقيلاً قد ألقته جانباً بعد تعب طويل. مايزيد معاناة الإنسان هو أن يصمت عن حكايتها. فهو بحاجة دائمة لرؤية تلك الملامح المتحفزة. الملامح التي تعلن تأييدها الكامل لمعاناته ضد الحياة والأقدار والوجع !
تقرر بشكل مفاجئ وبدافع لاتعرفه. أن تذهب لتفحص صور "أسيل". ابنتها "الحلم" أولاً. والمعاناة الطويلة فيما بعد. ومعنى أن تسعد قدر مايمكنك بحظّك من الحياة. أن تعقد صلحاً مع تعاستك. أن تتعايشا كصديقين أو كعدويّن ينشدان سلاماً أبدياً ! الصورة الأولى. في المستشفى تحيطها ذراعا أبيها حين أطلقت صرختها الأولى. صرخة الإنسان الأبدية. صرخته ليعلن أنه جاء ليحتل مكاناً ما. ليقاتل من أجل حقيقته. كأننا أصلاً نبدي رغبةً ما. نرفض من خلالها الوجود قبل أن نتعرف عليه. لا أحد يولد صامتاً. ولا أحد يستمر في الصراخ على أية حال ! الصورة الثانية.. بعد يوم واحد. أسيل إلى جانبها. حلمها القديم بكامله تحيطه بيديها. نحن لا نشعر بقيمة أحلامنا إلا بعد أن نمسك بها. تدرك كم نكون ضعفاء حين نحلم فقط. نحلم وننسى أن ثمّة ما لا يكتمل. ثمّة مالم يكتب لنا. ثمّة أشياء لن تأتي إلينا أبداً ! الصورة الثالثة.. أسيل تركب عربة أطفال ذات ألوان زاهية تتدلى منها دببة وألعاب صغيرة. من المفترض أنها كما هو العمر الذي توحي به الصورة. قد بدأت خطواتها الأولى قريباً. مازالت تتذكر ذلك الشعور الغامض الذي انتابها وتلك الريبة من أن أمراً ما لن يحدث بصورة طبيعية. كانت قد آمنت منذ تلك اللحظة. أن قلوب الأمهات لا تخطيء ! الصورة الرابعة.. أسيل مع د. محمود طبيب الأطفال الشهير. يشير التاريخ أسفل الصورة إلى أنه بعد يومين فقط. كان الدكتور يتفحص تقريراً خاصاً بأسيل. وكان عليه أن يجد كلمات مناسبة وبأية لغة كانت. تصلح لإخبار أبوين حالمين. أن طفلهما الأول. لن يتمكن من تحريك قدميه إلى الأبد. على الرغم من أنها مهمّة معتادة لطبيب مثله. لكنّه وفي كل مرة. كانت كلمات الدنيا بأسرها. لاتفي بالغرض. كان ينتقي رسالته حرفاً حرفاً. دون جدوى. أن تعبّر عن المصيبة بطريقة مناسبة. محاولة فاشلة سلفاً ! الصورة الخامسة.. أسيل مع أبيها الذي يحملها وعلى وجهه ظل ابتسامة. ابتسامة الصور التذكارية المملة. وخلفهما بوابة براندبورغ في قلب برلين. لم تكن رحلة للسياحة وصرف المزيد من المال كما هي الفكرة التي قد تتبادر إليك عند رؤية صورة كهذه. فرحلة كهذه كلفت الأب ثمناً باهضاً للغاية. وظيفته التي لم تجد عشرات المحاولات لثني المدير عن رغباته السلطوية وقراره بفصله عن العمل جرّاء غياباته التي لم تعد تحتمل على حدّ تعبيره. و السجن الذي لبث فيه طويلاً بعد أن استدان مبلغ الرحلة من آدمي آخر لم تكن لديه الرغبة في أن يمهله مزيداً من الوقت. فالحق يبقى حقاً كما هي الجملة الشهيرة في مواقف كهذه ! صورة أخرى.. أسيل مع صديقتها في دار الرعاية آنفة الذكر. وبإمكان المرء بدقة ملاحظة ضعيفةحتى تخمين كم هو مكان بائس وفوضي ولا يصلح حظيرة للدجاج فضلاً عن أن يكون لرعاية أطفال معاقين ! تتسائل قبل أن تلقي بالصور داخل صندوق صغير تخفيه مع ذكرياتها الكثيرة. ما الذي يدفع الإنسان للاحتفاظ بأكثر الأشياء التي تؤلمه. ولماذا يبتكر طرقاً غريبة ليتمكن من الاحتفاظ بها ؟ هي لن نستطيع الهرب من واقعها على أية حال. فالذكرى التي قد تلقيها في القمامة. ستظهر لها كعفريت مرعب في كل مرة تذهب فيها للاطمئنان على صغيرتها في دار الرعاية. أووه. دار الرعاية. تتذكر أن وقت الزيارة الأسبوعية حان أخيراً. تلقي ببقية الصور سريعاً. تذهب للقاء حلمها الذي لم يكتمل بعد ! عزيز |