نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي

نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي (http://vb.alhilal.com/)
-   منتدى الثقافة الإسلامية (http://vb.alhilal.com/f55/)
-   -   أثر التربية الإسلامية (29) تابع.. الرزق.. (http://vb.alhilal.com/t111362.html)

د . عبد الله قادري 15/04/2003 11:51 AM

أثر التربية الإسلامية (29) تابع.. الرزق..
 
أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع الإسلامي (29)

تابع للمبحث الثامن : العلم بأن الله واهب الحياة والرزق..

لا بد من الأخذ بالأسباب.

ولا بد هنا من التنبيه على أمر مهم جداً، وهو أن الجاهل عندما يعلم هذه المعاني التي شرحت في هذا المبحث والنصوص الدالة عليها، والواقع المشاهد الذي يدعمهما، قد يظن أن العمل لحفظ الحياة وصيانتها والحصول على الرزق يعتبر عبثاً، ما دام أن الأجل بيد الله، لا يقدمه أحد لحظة ولا يؤخره أخرى، وما دام أن الرزق من عنده، لا يمنعه أحد ولا يعطيه – أي أن الله وحده واهب الحياة والرزق -.

وقد تبادر هذا المعنى إلى ذهن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم..

فأجابه الرسول صلى الله عليه وسلم:
بأن الإيمان بالقدر شيء ووجوب العمل والسعي شيء آخر..

فالقدر بالنسبة للإنسان مجهول لا يدري ماذا قدر عليه، والعمل مشروع كلفه الله إياه، فلا يجوز ترك العمل اتكالاً على القدر الذي سبق في علم الله..

كما في حديث علي رضي الله عنه قال:
كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا النبي صلى الله عليه وسلم، فقعد وقعدنا حوله، ومعه مخصرة، فنكس، فجعل ينكت بمخصرته، ثم قال: ( ما منكم من أحد، وما من نفس منفوسة إلا كتب مكانها في الجنة والنار، وإلا قد كتب شقية أو سعيدة ).

فقال رجل:
يا رسول الله أفلا نتكل وندع العمل؟ فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة، وأما من كان منا من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة.

قال صلى الله عليه وسلم:
( أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة ) ثم قرأ: (( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى )) الآية [البخاري 2/99) ومسلم (4/2039)].

فالقدر المجهول لا يمنع السعي المشروع، ولا يجوز لتارك العمل المشروع الاحتجاج بمضي القدر..

ولهذا كان الذي يُقتَل دون نفسه شهيداً مع أن أجله قد قضى أن يقتله ذلك القاتل المعتدي الذي حاول المقتول أن يدفعه عن القتل..

وأمر الله تعالى الإنسان بكسب رزقه والسعي له..

كما قال تعالى: (( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ )) [الملك: 15].

فعلى الإنسان أن يبذل طاقته في تحصيل مصالحه، ودرء المفاسد عنه ولكن لا يركن إلى سعيه ذلك ويعتقد أنه ينشئ النتيجة ولا بد، بل يعتقد أنه يعمل السبب المشروع وأن الله هو خالق السبب والمسبب معاً ولا قدرة لأحد على دفع ما أراد الله تعالى وقوعه.

قال ابن حجر رحمه الله في شرح حديث عمران بن حصين:
الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: ( كل يعمل لما خلق له، أو لما يسر له ). [البخاري (7/210)].

قال:
"وفي الحديث إشارة إلى أن المآل محجوب عن المكلف، فعليه أن يجتهد في عمل ما أمر به، فإن عمله أمارة إلى ما يؤول إليه أمره غالباً، وإن كان بعضهم قد يختم له بغير ذلك". [الفتح (11/493)].

وهذا هو معنى التوكل على الله الذي دل عليه القرآن والسنة، فليس من التوكل ترك الأسباب، وإنما هو الاعتماد على الله، وعمل السعي المشروع، وعدم اعتقاد أن السعي ينشئ النتيجة، بل المنشئ هو الله تعالى..

وقد بين ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم حيث جمع بين الاعتماد على الله، مع فعل السبب المشروع..

كما في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً ). [الترمذي (4/573) وقال: قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح. وراجع كتاب جامع العلوم والحكم في شرح الحديث ص:379-385 لابن رجب، طبع مصطفى البابي الحلبي وأولاده].

والشاهد في الحديث أنه شبه المتوكلين على الله حق توكله بالطير ووصفها بوصفين:

الأول: أنها تغدو خماصاً، أي تغدوا من أوكارها لطلب الرزق وهي جائعة..

والثاني: أنها تروح بطاناً أي تعود إلى مقارها وهي مملوءة البطون، ومعنى هذا أن المتوكل على الله يسعى لكسب رزقه مع اعتماده على الله ولا يتكل على القدر.


الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 07:35 PM.

Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd