كم هي باسقة تلك اللحظات !!
وكم هي ناصعة تلك النظرات !!
أيام خلت وقلوب ما سلت !!
رجع بي الخيال إلى تلك الخوال!!
حيث التقيت بفاتنتي ( وضحى ) !!
أنها ذات القد والخد !!
كانت بارعة الجمال وفائقة الخصال !!
كنت أختلي بها بعيدا عن أنظار جدي الكبير !!
وكانت تطاوعني وكأنها منقادة بسلك من حرير !!
ومن عفتها لا تنظر إلي إلا كطفل شقي مجنون !!
فأظل أسير على آثارها حتى نصل إلى بيتها !!
وفجأة إذا بابنها يتهادى مقبلا نحوها يعثر ويكبو !!
إنها ( أم ) لصغيرها الرضيع !!
أقبلت إليه وشمته حتى كادت أنفاسها أن تضيق !!
غضضت الطرف عنهما ليعيشا لحظة الحنان النقي !!
ألقمته ثديها فأدرت لبنا سائغا شرابه !!
كانت أمه مطمئنة ومستمتعة بعطائها !!
فكانت عينها لا تفارق فلذة كبدها وهي ترضعه !!
ارتوى الابن واستلقى بجانبها آنسا بقربها !!
أتيت واقتربت منها لأنال حاجتي منها فوقفت فزعة !!
ونظرت إلي بغضب لم أعهده من قبل !!
فحينها أيقنت أن لا سبيل للحصول على حصتي من
( لبن ناقة جدي التي أسماها وضحى ) !!
عرفت حينها أن الحب هو العطاء !!
وعرفت حينها أن الأنثى خلقت لتكون أماً لا عشيقة !!
وعرفت أن الأنثى كائن عاطفي تنساب عاطفته لمن يحب !!
وعرفت أن الأنثى لا تستحق أن تكون زوجة
مالم تكن أماً من قبل !!
وعرفت أن ناقة جدي وضحى وهي حيوان أبر بابنها
من أم ترمي بابنها للخادمة وهي إنسان !!
الوضع الشجري
