29/03/2003, 09:31 AM
|
كاتب ومفكر إسلامي | | تاريخ التسجيل: 06/12/2001
مشاركات: 485
| |
الجهاد في سبيل الله الحلقة (28) الجهاد في سبيل الله حقيقته وغايته الحلقة (28)
[COLOR= crimson]الفرع الرابع صفقة دائمة في الكتب السماوية المنزلة [/COLOR]
قال تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )) [التوبة: 111]. لقد تمت الصفقة بين الله تعالى وهو مالك الثمن والمثْمن، وعباده المؤمنين على مر العصور والأزمان، وإلى أن تقوم الساعة، صفقة لا إقالة فيها ولا استقالة، سلعتها الجنة، وبائع السلعة الله الخالق المعبود، ومشتريها المؤمنون، وثمنها الأنفس والأموال لمقارعة أعداء الله في كل زمان، سُجِّلت في الكتب السماوية السابقة، ونزل بها القرآن الكريم، وهي باقية ما بقي القرآن الكريم الذي وعد الله بحفظه:
( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )) [الحجر: 9]. قال سيد قطب رحمه الله:
( إن الجهاد في سبيل الله بيعة معقودة بعنق كل مؤمن على الإطلاق منذ كانت الرسل ومنذ كان دين الله، إنها السنة الجارية التي لا تستقيم هذه الحياة بدونها، ولا تصلح الحياة بتركها ).
(( ..وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ )) [البقرة: 251].
( ..وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ )) [الحج: 40]. إن الحق لا بد أن ينطلق في طريقه، ولا بد أن يقف له الباطل في الطريق، بل لا بد أن يأخذ عليه الطريق، إن دين الله لا بد أن ينطلق لتحرير البشر من العبودية للعباد وردَّهم إلى العبودية لله وحده، ولا بدَّ أن يقف له الطاغوت في الطريق، بل لا بد أن يقطع عليه الطريق، ولا بد لدين الله أن ينطلق في الأرض كلها لتحرير الإنسان كله، ولا بد للحق أن يمضي في طريقه ولا ينثني عنه ليدع للباطل طريقاً، ومادام في الأرض كفر ومادام في الأرض باطل، وما دامت في الأرض عبودية لغير الله تذل كرامة الإنسان، فالجهاد في سبيل الله ماضٍ، والبيعة في عنق كل مؤمن تطالبه بالوفاء، وإلا فليس بالإيمان:
(ومن مات ولم يَغْزُ ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من نفاق ) رواه أبو داود والنسائي [ في ظلال القرآن (11/177) طبع دار الشروق.] والحديث أخرجه مسلم (3/1517) وهو في سنن أبي داود كما قال (3/22)، وفي النسائي (6/7) طبع الحلبي. وقال في موضع آخر – معلِّقاً:
قوله تعالى في سورة البقرة: ( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ )) [البقرة: 193]. قال:
( وإذا كان النص عند نزوله يواجه قوة المشركين في شبه الجزيرة، وهي التي كانت تفتن الناس، وتمنع أن يكون الدين لله، فإن النص عام الدلالة، مستمر التوجيه والجهاد ماض إلى يوم القيامة. ففي كل يوم تقوم قوة ظالمة تصد الناس عن الدين، وتحول بينهم وبين سماع الدعوة إلى الله والاستجابة لها عند الاقتناع والاحتفاظ بها في أمان، والجماعة المسلمة مكلّفة في كل حين أن تحطِّم هذه القوة الظالمة.. وتطلق الناس أحراراً من قهرها يستمعون ويختارون ويهتدون إلى الله ) [ في ظلال القرآن (2/102) ]. |