لسلام عليكم ورحمة الله .........
اخترت لكم احبتي
عندما ينام غيري ويصبح السكون سيد الدنيا ، تراني وقد تسللت الذكرى إلى مضجعي وأخذت مكاناً
لها بجواري وصرت عندها أسمع ضحكاتي وصرخاتي ، أيام كنت طفلاً يلعب على شاطيء بحر غزة ،
وموجة في البحر أعرف شقاوتها وتعرف هي شقاوتي ، كانت تلاحقني وأنا أهرب منها عندما أراها قادمة وأعود ألاحقها عندما تبدأ هي بالتراجع .
صحيح أن أمواج البحر تتشابه لمن لم يتعلم مناجاة البحر ولغته ، لكني كنت عاشقاً ولهان وأغار حتى على موجة بحر كان بيني وبينها ألفة .
ليس المكان فقط هو الذي أفتقده وأحن إليه ، وإنما الذكريات المسلوبة أيضاً والتي أحلم بالعودة إليها يوماً .
هل لا زالت موجتي الحبيبة تأتي إلى الشاطيء ؟
هل هي الآن تداعب غيري ، أم أنها رحلت إلى غير مكان ؟
كنت أتمنى أن أعرف جواباً على كل هذا الذي يجول بخاطري ، لكن العالم والضمير والكل يصمت ويمزق بصمته دفاتر الذكريات ، وليس أمام الطفل إلا أن يعود ليحلم ويحلم أن يعود .
ما زلت أرى الخوف في عيون أمي ، وثوبها المبلل من كثرة الركض خلفي وهي تخشي علي
من أن تأخذني معها ، موجة بحر إلى أعماقها . فهنالك موجات بحر ، لا تعرف أن الأطفال يحتاجون
لتنفس هواء الحرية ،,
ربما يرجع ذلك لثقافة الجهل المترسخة لدى بعضها ، وحب الإمتلاك والسيطرة وإحتواء كل شيء لنفسها ، دون مراعاة مشاعر الأمهات اللواتي يخفن على أطفالهن من الضياع في غياهب سجون ، موجودة في ظلمات البحر الشاسع .
عندما ينام غيري وينصب الصمت خيامه ومضاربه في فضاء خيالي ، تجدني أتسلق شجرة برتقال ،
أتفقد فراخ البلابل الصغيرة في عشها ، فهي الأمل الوحيد ، بأن يتبقى من يغرد ويحلق فوق ربوع الوطن ،
عندما يُجبر الإنسان على الرحيل .
عندما ينام غيري وتنزل من السماء ملائكة الرحمة ، تسمع صوتي وأنا أتوسل
هذا الإنسان بلا إنسانية ، أن يمسح الدموع من على وجنات أمي التي لا زالت تظنني ،
ذاك الطفل البريء .
لقد كبرت يا أمي وكبر معي حلم العودة إلى أيام الطفولة .. ربما أعود .. فمن يدري !!!
هذه رسالة من فلسطيني
منقول..