.. بسم الله الرحمن الرحيم ..
يبدو و الله أعلم ، أنه عند ذكر كلمة "مبدعين" أو "موهوبين" ، فإن كل شخص يفسّرها بحسب الأشياء التي هو يرغب أن يبدع فيها. فالبعض يفسرها بأن المبدع هو كاتب المقالات المتميزة ، و البعض يفسّرها بأنه كاتب الأشعار الأخّاذة ، و البعض يفسّرها بأنه عبقري الرياضيات و العلوم المختلفة ، و هكذا ..
مهما اختلفت مجالات هذا المبدع ، فإنه بحاجة إلى من يرعاه و يهتم بتنشئته و تطوير مكامن الإبداع المتوفرة لديه ، و إلا فإن جميع هذه المواهب سيكون مآلها الضياع و التيهان في حياة الإنسان !
[c]
الاهتمام[/c]
أضع مليون خط تحت كلمة الاهتمام ، لأنها بالفعل هي ما ينقصنا في العالم العربي.
لم يتقدم الغرب علينا إلا بسبب اهتمامهم و تشجيع حكوماتهم لهم -- كانوا يرسلون دفعات كبيرة جدا للشرق كي يتعلموا منّا. حتى أنهم تعلّموا لغتنا و تعرّفوا على ديننا و ألّفوا كتبًا فيهما -- بعض هذه الكتب لا تزال تقرأ بكثرة. تقلّد هؤلاء المستشرقين مناصب كبيرة في بلادهم و لقوا اهتمام غير طبيعي نتج عنه ما نراه الآن من تقدّم واضح جدا للغرب على الشرق في مجالات العلوم الطبيعية و التقنية و الرياضية و غيرها الكثير.
[c]
لكن حنّا عرب![/c]
و خير يا طير ! كأن كلمة "العرب" أضحت سبابًا أو تقليلاً من مكانة !
العرب اختارهم الله من بدّ جميع البشرية لحمل رسالة الإسلام ! و أي شرف و مسئولية لك أيّها العربي أعظم من هذه !
العرب خرج منهم العبقري محمد بن موسى الخوارزمي ، الذي ألف كتاب علم الجبر و المقابلة ، و لا يزال الغرب يطلق على هذا العلم إسم "Algebra" ، تمامًا كما أسماه الخوارزمي. كما يوجد علم كبير و هام جدا في مجال الحاسوب يحمل إسم "الخوارزميات -- Algorithms" ، و لا أذكر أي عِلم آخر تمّت تسميته نسبة لشخص ما. من المؤسف حقيقة أن يكرّم الغرب هذا العالِم قبل الشرق.
العالم الفاضل الخوارزمي ، لقي اهتماما كبيرا من الخلفاء العبّاسيين في بغداد في ذلك الوقت ، حتى أبدع في الرياضيّات و علوم أخرى مختلفة. كما أن نسبة كبيرة يؤكدون أن جميع التقنيات الحديثة المتوفرة حاليّا لم تكن لتكن لولا الله ثم الخوارزمي و كتابه علم الجبر.
و جابر ابن حيّان و الحسن ابن الهيثم و غيرهم الكثير الكثير ! كلّهم كانوا عربًا !
العرب ينقصهم الاهتمام من حكوماتهم ، لذلك تجد الكثير من العرب أصحاب المواهب ، إما أنهم يبقون في ديارهم و يدفنون مواهبهم معهم ! أو يسافرون لدول عربية أخرى لا لشيء فقط لغرض مادي بحت دون الاستفادة من الموهبة !
إلا من يسافر للدول الغربية و خصوصا من يأخذ الجنسية -- تراه يبدع إبداعا غير معقول ! و يصبح إسمه على لسان جميع الجنسيات ! و توجد أمثلة كثيرة حقيقة مررت بها في كتب علمية و عالميّة ممّن ألفها أشخاص أصلهم عربي ، لكن جنسيّتهم أمريكية ! بل حتى يوجد عدد كبير من الأساتذة العرب في الجامعات الغربية ، و نسبة جيدة منهم من فلسطين !
لنأخذ مثالين بسيطين : أولا : شاهدوا صورة هذا الكتاب اللي يعتبر من أشهر كتب قواعد البيانات على الإطلاق حاليا :
صورة غلاف الكتاب .
المؤلف اسمه : المصري !
أيضا شاهد هذه المقالة في أحد أقوى مواقع لغة تصميم المواقع :
هنا.
كاتب المقالة : رمزي ناصر !
[c]_______________________________________[/c]
[c]
كيف يكون الاهتمام ![/c]
الحقيقة هذا الموضوع قابل جدًّا للنقاش ! و أعتبره أهم ما في الموضوع !
- فكرة إنشاء مؤسسة ، أو جمعية تهتم بالمبدعين ، و تساعدهم على الحصول على براءات اختراع ، و تعاون هذه المؤسسة مع المدارس ، هي فكرة جيّدة جدًّا و مهمة ! لكن هذه المؤسسة ستنتفي أهمّيتها تمامًا إذا كان الاهتمام بالموهوب لا يتجاوز أسوار هذه المؤسسة !! المبدع و الموهوب بحاجة إلى دعم معنوي غير عادي ! بحاجة إلى إبرازه في وسائل الإعلام المختلفة ( التلفاز - الجرائد - المجلات - النشرات ... إلخ ) ! هذا الشيء سيشعر المبدع بالمسئوليّة ! و يشعره بأهمّيته في بلده ! و يدفعه لبذل المزيد ! المبدع أيضا بحاجة لأن يأخذ المناصب الكبيرة في البلد في مجاله ( سواء في الزراعة أو التعليم أو غيره ) .. و لا مانع أن يكون من صنّاع القرارات إذا رأت حكومته أنه صاحب رأي سديد !
ختامًا أسأل الله أن يصلح أحوال أمتنا ، و أن ينفعنا و يرفعنا بالقرآن الكريم ، و أن يهدي شبابنا و شاباتنا إلى طريق الحق ، إنه جواد كريم. الباب مفتوح لطرح الآراء