عندما جاء مورينيو إلى مدريد , النادي الملكي , كان يجب عليه أن ينسى كل شيءٍ فعله سابقًا , ويتذكر شيئًا واحدًا : أنه في مدريد .. فقط! لا لشيء إلا لأن مدريد يختلف تمامًا عن أنديةٍ كـ بورتو , تشلسي , إنتر مع كامل الاحترام لهذه الفرق , فمدريد لم يكن يبحث عن تاريخ بقدر ما كان يبحث عن مواصلة لهذا التاريخ عكس تلك الفرق مع اختلاف ضئيل في وضع الإنتر تحديدًا وإن كان الإنتر بعيدًا عن التاريخ منذ أمد طويل قبل الكالشيو بولي .

هذا الكلام قلته لأخي المدريدي المتعصب منذ إعلان انتقال مورينيو لتدريب مدريد , وبالمناسبة لست مدريديا ولا برشلونيا , وإنما متابعًا بشكل جيد للفريقين والدوري الإسباني . واختلف معي أخي على أساس أن مورينيو أسطورة في عالم التدريب , ولكني كنت أعتقد دائمًا أن هذا لا يكفي , ليس كل شيء كبير يصلح لكل شيءٍ كبير , والأدلة كثيرة جدًا . قال لي أخي حينها : سترى , ورددت عليه : سنرى!

القارئ لأساليب اللعب والتكتيكات التدريبية , يدرك أن أسلوب مورينيو من ا لصعب جدًا أن يناسب أسلوب وشكل الأداء العام المعروف لريال مدريد, فالفريق الذي اعتاد على أن يهاجم بثلاثة وأربعة نصفهم من لاعبي الوسط لن ينسجم بسهولة مع خطة هجوم برجل واحدٍ مع خمسة في الوسط اثنان منهم مهاجمان في الأساس أو جناحان هجوميان , وكانت الأمور لتصعب حقًا في ظل وجود المنافس العتيد العنيد برشلونة وهو في أوج تألقه , على عكس الظروف التي كانت كثيرًا ما تخدم مورينيو وفرقه السابقة , فمشوار بورتو في أبطال أوربا تقريبا لم يكن بتلك الصعوبة المعتادة في تلك البطولة حتى في المباراة النهائية باستثناء مباراته مع مان يو الذي لم يكن في أحسن أحواله تلك السنة , وكذلك الحال في تشلسي الذي استقدم له موري في أول قدوم مع المالك الثري جدًا حوالي 13 لاعبا إن لم تخني الذاكرة في ظل تراجع في مستوى المنافس الرئيس في تلك البطولة مان يو , والذي ما إن استرد عافيته بعدها بعامين تقريبا حتى خرج مورينيو من الدوري الإنجليزي بطريقة هي أشبه بالهروب , أما الوضع في الإنتر فكلنا نعرف كيف كان ينافس نفسه فقط في ظل غياب عميدي الكالتشيو الأساسيين يوفي وميلان , وإن كانت تحسب لروما جرأته ومنافستها رغم فارق الظروف والإمكانات الهائل لصالح الإنتر, وعلى أية حال كان الوضع مختلفًا تمامًا مع مدريد , وضد برشلونة تحديدًا .

وهاهي الآن سنوات تمر ولا جديد مميزًا يقدمه مورينيو للريال , ولا أعتقد أن أنصار الريال يرضيهم بطولة كأس الملك مثلا خلال ثلاث سنوات مع وجود الدعم الهائل والبنية الفنية الكبيرة للفريق فهو أكثر من مكتمل الصفوف تقريبًا وفي كل خانة تأكد بأنه يوجد هناك نجم واحد كبير على الأقل باستثناء الظهير الأيسر الذي لست أعرف ما سر تمسك مدريد به , ومع ذلك فالنتائج ليست على ما يرام في المواعيد الكبرى , لماذا ؟ أعتقد أن السبب واضح , فطموح الريال لن يضعف يومًا حتى يصل إلى التراجع للدفاع بأكبر عدد ممكن من اللاعبين - إن لم يكن كلهم! - وعلى أرض السانتياغو! يكاد هذا لا يصدق , وقد نعذر مورينيو إذا علمنا أن منافسه هو البرشا وجوارديولا , ولكن هذا التفوق السافر الصارخ لقوارديولا على مورينيو وأحيانا بدون فريق كامل يؤكد بأن هناك خللا كبيرًا ما في نوعية الأداء , ربما يستدعي التغيير ومراجعة الأوضاع .

أخي ما زال يقول إنه راض عن مورينيو رغم تحليلاتي ورغم الأوضاع المزعجة للفريق لأنه ما زال يبني الفريق , بينما أتساءل ما الذي ما زال يحتاج إلى بناء في الريال؟ ربما شكل الهجمة وتشكيل المهاجمين فقط هو الذي ما زال بحاجةٍ إلى بناء , أي وباختصار شديد : ليس هذا رتم الريال أو الرتم الذي اعتاد عليه الريال حتى في أسوأ مراحله !

شكرًا لكل من يمر , مع التأكيد على مناقشة ما ورد فيه لمن يرغب في الرد , أي : يمنع الانبراش غير المدروس