تزايد الاقبال حديثا على ارتداء الحجاب فى مصر فى المجتمعات الحضرية وبين فتيات الطبقات الاكثر ثراء واللواتى كن يخرجن قبل عقود قليلة الى الشوارع بتنورات قصيرة وصدور مكشوفة. وتقول مها (29 عاما) والتى ارتدت الحجاب بعد سنوات من ارتداء السراويل الضيقة وملابس البحر ذات القطعتين والسهر فى الحفلات وشرب الكحوليات "منذ تحجبت وتعلمت المزيد عن الاسلام اصبحت اقل غضبا واكثر صبرا واحساسا بالراحة الداخلية".
وعلى عكس دول محافظة مثل السعودية وايران فلا تلزم مصر النساء بارتداء الحجاب. وتخرج المحجبات الى الحياة ويذهبن الى العمل جنبا الى جنب مع السافرات ومع الرجال. لكن الملابس المحافظة والحجاب جزء من ثقافة المناطق الريفية والاكثر فقرا فى مصر. ويدور جدل كبير حول سبب تزايد الاقبال على الحجاب. ويبدو ان البعض يستسلم للضغوط فى مجتمع يقدر احتشام الملبس حتى لو اقترن بافراط فى استخدام مساحيق التجميل والحلي. وقالت هانية شلقامى استاذة علم الاجتماع بالجامعة الامريكية فى القاهرة "بالنسبة لبعض الفقراء فى الاحياء الشعبية يحمى الحجاب المرأة لانه يبعث برسالة انها محافظة وليست فريسة سهلة".
وتأثرت اخريات بخطب شيوخ محافظين عبر محطات تلفزيونية فضائية. وقال محللون ان مثل هذه الخطب ربما تجد المزيد من الاذان الصاغية بعد هجمات 11 سبتمبر حيث بدأ كثير من المسلمين الابتعاد عن المعايير الغربية فى الزى والثقافة بعد ان اغضبتهم احكام الغرب المسبقة تجاه الاسلام. وقالت حياة الفى استاذة سياسات الشرق الاوسط فى الجامعة الامريكية بالقاهرة ان الحجاب يمكن ان يكون موقفا سياسيا مثلما هو موقف ديني. واضافت "فى الاسلام هناك صلة مباشرة بين الدين والسياسة". ويثير انتشار الحجاب جدلا ايضا بين المدافعين عن حقوق المرأة. ويقول ليبراليون انه خطة للوراء لحرية المرأة فى مصر وترجع الى ثقافة ما قبل الاسلام التى سمحت بسيطرة الرجل.
ويقول مؤيدون للحجاب ان مثل هذه الاراء تعكس حكما مسبقا ازاء خيار يعتبر مسألة شخصية ولا يمنع المرأة من لعب دور كامل فى المجتمع. لكن ارتداء الحجاب لم يكن خيارا سهلا دائما حتى فى مصر حيث يمثل المسلمون الاغلبية الساحقة. وحين ذهبت نيرين سالم وهى مساعدة طيار سابقة لعملها فى شركة للرحلات الجوية المستأجرة مرتدية الحجاب والزى الرسمى صدر امر باقالتها. وقالت الشركة ان الحجاب ليس جزءا من الزى الرسمي. ولجأت سالم للمحكمة. وعلى الجانب الاخر تخشى السافرات ان ينظر المجتمع لهن نظرة قاصرة اذا اصبحن اقلية مع تزايد الاقبال على الحجاب.
وقالت المستشارة الصحية هبة على ( 28 سنة ) ان النساء فى مصر يتعرضن احيانا لضغط هائل كى يرتدين الحجاب. ويقول محللون ان السلطات تمارس ضغطا خفيفا لتجنب الحجاب. وفيما عدا المعاهد الدينية تحظر الجامعات الحكومية المصرية على الفتيات ارتداء النقاب. وتتذرع السلطات باسباب امنية. ولا ترتدى اى مذيعة فى نشرات الاخبار بالتلفزيون المصرى حجابا.
ويتخذن دائما مظهرا غربيا. ويقارن محللون الاتجاه الحالى نحو الحجاب فى مصر بموجة شبيهة فى السبعينات والثمانينات حين كان الاسلام السياسى فى صعود. ويقولون ان الجماعات الاسلامية تسعى لتشجيع الحجاب فى اطار جهودها لخلق مجتمع محافظ بدرجة اكبر رغم الضغوط على تلك الجماعات من الحكومة المصرية. لكن محللا امنيا يقول ان السلطات لا ترى تهديدا فى الاقبال على الحجاب اليوم وتقمع فقط البرامج الدينية والخطباء الذين يجتذبون جمهورا غفيرا مما قد يشكل تهديدا سياسيا.
وقالت الفى "انها حركة توازن من الحكومة. اذا كانت كثيرات من النساء يردن ارتداء الحجاب فلا مشكلة لدى الحكومة طالما لم يتم تعليمهن معارضة النظام" واما لميس (42 عاما) وهى موظفة بشركة مالية وارتدت الحجاب الصيف الماضى فلديها منطق ابسط بشأن الحجاب. وتقول "اذا كنت ستسائل من تتحجب فيجب ايضا ان تسائل من ترتدى الملابس الشحيحة..والاختيار فى النهاية يرجع لهن ولا يجب ان يسأل احد احدا عن الافعال طالما انها لا تضرك".