سمو الأمير . . لقد أهنتنا بما فيه الكفاية !!
بدر العوفي
تذكرت خبراً قرأته قبل فترة ليست بالبسيطة عن مشادة في برنامج تلفزيوني ايطالي بين رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني ومقدم البرنامج الذي كان يناقش استخدام بيرلسكوني بائعات الهوى وممارسة الجنس معهن ، يقول الخبر أن الحوار كان ساخناً بين المذيع جاد ليرنر وبيرلسكوني مادعا الأخير أن يقول ( أشهد عرضاً مثيراً للاشمئزاز ) وبدأ في تقريع البرنامج والتهجم عليه قبل أن يعترضه المذيع قائلاً : ( لقد أهنتنا بما فيه الكفاية ) .
تذكرت هذا الخبر مباشرة وبالذات الجملة الأخيرة التي تحكي عن ما بداخل أغلب الرياضيين بعد صدور بيان من اتحاد القدم يدافع فيه عن ( وحيد زمانه ) الدكتور صالح احمد بن ناصر ، ويقول أن تصريحات التعاون ( غير مسئولة وغير لائقة وتصريحات غير مسبوقة في الوسط الرياضي تتضمن الكثير من الإساءات والعبارات الخادشة للحياء) .
ومع فارق التشبيه بين ابن ناصر وبيرلسكوني وبين لائحة الاحتراف وبائعات الهوى فإن الأسلوب الذي استعمله بيرلسكوني وبين الذي استعمله اتحاد القدم ليس بعيد الشبه .
من المؤسف حقاً أن يصدر هذا التهديد والوعيد من إتحاد الكرة في اليوم الذي سلّم فيه التعاون مذكرة الاستئناف ، وللقارئ حرية الربط بين لغة الخطاب التهديدية وبين نتيجة القرار الذي سيصدر السبت .
حينما قرأت بيان اتحاد القدم حزنت كثيراً لأسلوب التعاطي في البيان وبالذات في دفاعه المستمر منذ سنوات عن ( الولد المدلل ) للاتحاد إن جاز التعبير .. شعرت أن اتحاد القدم يحاول أن يفرض علينا ( رأيه ) وليس قوانينه بالقوة وعبر نغمة كان من المفترض أنها أصبحت منتهية ولكنها للأسف لازالت موجودة .
لم يكن الزميل دباس الدوسري ليذهب بعيداً حينما تساءل عن ابن ناصر وهل يحمل ريش الطاووس على رأسه حتى لايقترب منه أحد ، كان دباس يتكلم بلساني ولسان كثيرين (حانقين) على الأسلوب الذي ينتهجه اتحاد القدم الموقر في دفاعه عن ابن ناصر ، كنت أتساءل مع دباس من يكون صالح بن ناصر ؟ وهل هناك شخصية ملائكية تقف خلف هذا الرجل الذي لايمكن أن يخطئ ولايسمح لأحد من الإقتراب منه .. لقد كان بيان اتحاد القدم تقريعياً لايمكن أن أقبل به كمواطن يعرف الأصول ويعرف أن أي شخص كائناً من كان ليس تحت طائلة النقد ، لقد مللنا هذا التقريع يااتحاد القدم ( لقد أهنتنا بما فيه الكفاية ) .
أعرف الخدمات الجليلة التي يقدمها صالح بن ناصر لاتحاد القدم وعمله لسنوات طويلة جال فيها دول ومدن العالم أجمع في جميع قارات العالم صيفاً وشتاءً ، وعمل على ملفات كثيرة وأهمها مؤخراً ملف انتخاب اتحاد القدم بالكامل حسب مايقتضيه نظام فيفا وتوليه هذا الملف لاستثناء اتحادنا الموقر من الانتخابات الكاملة وبسبب هذا الملف وملفات أخرى كثيرة نعلمها ولانعلمها حصل على حظوة خاصة تجعلهم يعتبرونه الشخص الذي لايخطئ وإذا أخطأ فلا يهم ولاقيمة ولا اعتبار لمن أخطأ بحقهم .
ماهوّن علي مصيبتي أن القرار الملكي في إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد كان حديثاً للتو ولا شك أنني أتمنى النظر بملف صالح بن ناصر في هذه الحالة ورفضه البت في هذه القضية عبر خطاب رسمي من اللجنة الفنية وظهوره عبر برامج تلفزيونية والبت فيها أمام الناس رغم ادعائه بأنها ليست ضمن اختصاصات لجنته .
بالتأكيد ليس هناك شخص مسئول يحترم عمله أن يفتي في قضية منظورة لدى جهة أخرى في نفس الدائرة ويثير الرأي العام ضد زملاء له ويشعر الآخرين أنهم غير أكفاء للمهام التي كلفوا بها ، أتمنى أن ترى هيئة مكافحة الفساد هذه القضية وهل هي تندرج ضمن قضايا الفساد الإداري أم لا ، مع العلم أنه لا صالح بن ناصر ولا غيره لديه حصانة تمنع الهيئة من مهامها فالنص الملكي الصريح يوضح أنه تشمل مهام الهيئة كافة القطاعات الحكومية ولا يستثنى من ذلك كائنا من كان ، بما فيهم الرئاسة العامة لرعاية الشباب ورئيسها سمو الأمير نواف بن فيصل إلاّ إذا كان هناك قصور في الفهم فأتمنى توضيحاً كريماً وبدون تقريع من الرئاسة أنه لا يشملها مهام هيئة مكافحة الفساد.
إن ما يفعله بن ناصر الآن هو أشبه بما حدث في مصر حينما يخرج شخص ويستغل منصبه للتأثير في قرارات رسمية دون وجه حق وزاد يوماً بعد الآخر حتى وصل الفساد بالمصريين حداً لم يطيقوا معه صبراً بشكل أصبح يمثل لهم هماً يومياً يتعاطونه كرغيف الخبز ، والدولة هنا في المملكة العربية السعودية لن يرضيها أن يكون تصرف ابن ناصر منهجاً ومسلكاً لغيره ولن يرضيها أن يتضرر من مثل هذا الموقف شخص واحد فما بالك أن جزءاً كبيراً من أبناء هذا الوطن شعروا بالغضب والإهانة من التصرف غير النزيه الذي صدر من ابن ناصر ، ولن تمارس الدولة السكوت عن هذا الفعل وخلفياته وأبعاده بكل تأكيد ، فقد تعلمنا من خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أن العدالة مكفولة للجميع دون استثناء وهو يشدد دائماً على النزاهة وعدم الفساد .
لا يمكن أن أفهم هذا الخطاب غير المسبوق من اتحاد القدم لمجرد أن التعاون أراد أن يوصل صوته إلى الجميع ويقول هذا ما فعله ابن ناصر وللرأي العام أن يقرر ولكي يوصل صوته أيضاً للجهات المعنية بمراقبة أداء القطاع الرياضي.
تخيلوا .. صالح بن ناصر الذي يرأس لجنة الاحتراف منذ تأسيسها قبل ثمانية عشر عاماً باستثناء فترات متقطعة لا يفسر مادة من لائحة أصدرتها لجنته ويدعي أنه ليس من مهامه تفسيرها عبر خطاب رسمي ثم يخرج أمام الملايين بكل ثقة ودون احترام لعقولنا ويقول أن المادة تنطبق على لاعب التعاون محل الاحتجاج .. ليتساءل رئيس اللجنة الفنية ( لماذا لم ترد علينا بهذا الشئ رسمياً ) جاءت إجابته النزيهة لعادل البطي والتي ليس لها أي أهداف أخرى بأن ( هذا شغلكم وليس شغلنا ) ، قارنوا بين ردود البطي وردود ابن ناصر في ذات القضية وشاهدوا الفرق في احترام القضية وأطرافها والرأي العام بين شخص يرفض الفصل بالقضية عبر الإعلام وشخص لا يحترم القضية ولا يحترم الرأي العام ولا يحترم اللجان الأخرى في الاتحاد الذي يعمل فيه .
أحياناً أشعر أن صالح بن ناصر هو من يدير اتحاد القدم ولذلك لم يصدر أي اعتذار عن تصرف صالح بن ناصر من هذا الاتحاد .. فإذا كانوا يعتقدون أنه لا يخطئ فهي مصيبة وإذا كانوا يرون خطأه ويسكتون عنه ويهاجمون من يحتج على خطأه فالمصيبة أعظم .
أنا هنا لن أخاطب صالح بن ناصر قدس الله سره ، فيبدو أنه الحديث معه أو له غير مجدي فهو في برج شاهق العلو ينام على فراش الحرير ولا يرغب أن نعكر عليه صفو الجو الذي يعيشه فحينما نصرخ أن يوضح لنا شيئاً يرسل لنا عبر الحمام الزاجل رسالة الزجر المعهودة : ( أنتم لا تقرؤون ) ، لن أخاطبه لأنه ليس متفرغاً لنا نحن الوسط الرياضي ، ولكنني سأخاطب الأمير نواف بن فيصل رئيس اتحاد القدم الذي أصدر البيان .. لأقول له باعتباري أحد الرياضيين وبلساني الشخصي لقد مللت يا سمو الأمير هذا الأسلوب المروع والمهول الذي تضمنه بيانك .. لقد أشعرتني يا سمو الأمير أنني تطفلت على أحد مرتادي مجلسك الخاص بقصرك وليس شخص مسئول في أهم قطاعات الدولة التي تعنى بالشباب ، لقد أشعرتني يا سمو الأمير أنني شاب متهور يستحق التهديد بالضرب إن لم يرتدع عن تصرفاته بينما أنت الشخص الذي تقرر لنا كيف نتحدث ومع من نتحدث وبماذا نتحدث ، سمو الأمير هنيئا لك بصالح بن ناصر وهنيئا لك بعمله النزيه الذي لا تشوبه شائبة ، ولكن يا سمو الأمير .. اسمح لي فقد طفح الكيل ولن أصبر بعد اليوم على الإهانات التي تعرضت لها من قبل أعضاء اتحادك ورؤساء لجانه ومنك شخصياً .. سمو الأمير أنا أحترمك فأرجو منك أن تبادلني الاحترام .. سمو الأمير أعتقد أنه حان الوقت لأعترض بيانك وأقول لك توقف : ( لقد أهنتنا بما فيه الكفاية ) !!!
المصدر:
صحيفة شوووت 
الوضع العادي
