بسم الله الرحمن الرحيم


ملحوظة: أجدني مضطراً لوضع المقال كاملاً فأعطني دقائق من وقتك وعذراً لما ينتابك من الملل.
أعلم بأنني أبحرت في بحر ذا أمواج عاتية، تجربتي هي دافعي لأكتب ما احسب أنه داعماً لكم,مدعماً مقالي بما قرأته... وسمعته من معاناة الكثير... وما عايشته بغربتي... كل ما سبق جعلني أخاطر واشحذ همة قلمي لأكتب ما أظنه مناسباً للطرح لعل أحداً يستفيد منه.
وليعلم بأنني بهذه الهمسات أخص في كلامي أخواني المبتعثين للحصول على درجة البكالوريوس وهم من جعلتهم نُصبَ عيني في كل كلمة اكتبها هنا، ولعلهم يجدون هم وغيرهم من المبتعثين لمراحل أخرى ما يفيدهم وكلي أمل بأن تغفروا الزلة وتعذروا أخيكم سرايا فيما اخطأ...
ولتأذنوا لي... سأجعلها همسات أهمس بها في إذنك أخي المبتعث، لعلها تساعدك بجعل محطتك الثانية عاملاً مساعداً لتحقيق طموحك... وليس ساحةً للهموم والعزلة بل ساحة اجتهاد ولهو، جد ومرح؛

أخي المبتعث
1- من أقوى العوامل المعينة على التكيف الالتزام بالإسلام وتطبيق توجيهاته والاستمرار على ذلك، مستشعراً مراقبة الله لك في كل أحوالك.
2- الالتجاء إلى الله وإخلاص الدعاء له بأن يثبتك ويعينك في غربتك، ويحقق مرادك.
3- إن العيش في الغربة - في بعض البلدان - سيحرمك من الأجواء الدينية [ كسماع الأذان، ورؤية المساجد ... ] وعيشك في بلاد الغربة يستوجب عليك المحافظةالشديدة على صلاتك أحرص على الصلاة ..والصلاة ستكون لك بمثابة الرسالة الفورية واليومية ...، أليست الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر؟.
4- إن للوالدين أثر عظيم ففقدك في غربتك لرؤيتهم صبح مساء هو دافع لك لتطلب منهم الدعاء لك بالتوفيق والسداد، وأن يعينك الله في غربتك، وأن تجعل لهم حظاً من دعائك في الصلاة.
5- التواصل: كن مع أهلك في الوطن على تواصل، ولكن إعدل فلا تجفوا ولا تسرف، وابتعد عن تحديد يوم معين للتواصل فلو لظرف ما لم تستطع الاتصال بهم! أصابهم القلق وأنت ستصاب بالحرج خشية أن يكونوا قلقين عليك!. واعلم بأن للتواصل فوائد منها كسر حاجز الغربة والشعور بأنك معهم وبينهم. ولا تقصر هذا التواصل مع أهلك فقط بل ليكن مع اصدقائك أيضا.
******
6- الشباب: تذكر أنك في مقتبل الحياة.. وقادر على التأقلم مع حياتك الجديدة والتغيير بسهولة فما زلت في مرحلة النضوج، ولا يتبادر إلى ذهنك نظرة الضعف فتظن بأنك أصغر من أن تعيش لوحدك وتقوم بشؤون نفسك بنفسك.
7- الهواية: بطبيعة الحال فلكل شخص هواية يحرص على مزاولتها وتشغل حيزاً كبيراً من اهتماماته، حاول أن تستمر بهوايتك تلك ولتسعى جهدك لتنميتها مع مراعاة أن لا تؤثر سلباً على هدفك من الاغتراب، فاستمرارك على هواياتك معين لك على التكيف في غربتك فيقلل عليك الشعور بالتغير.
8- حاول أن تكتب سيرتك اليومية، مشاهداتك إنطباعك لتلكم المواقف اليومية... ستجد فيها سلوتك وستنمي لديك إبداع الكتابة وستكون عوناً في الأيام القادمة، ولك أن تخاطب من شئت وتعاتب من شئت عبر وريقات تكتبها... وعندما تشعر بالضجر وينتابك شعور الاكتئاب من الجو المحيط بك إجعل من قراءتك لها أو كتابتك أحد الحلول للترفيه عن النفس والتنويع عليها، ستجد نفسك تبتسم مع كل سطر كتبته وتنسيك ما أنت فيه.
9- إن كنت ممن يجيد فن التصوير فوثق صورك التي التقطها بتواريخ وبعبارات تكون مفتاحاً لك لفك رموز تلكم الصورة. ولقد عجبت من طالب كوري كان يحتفظ معه بدفتر ويلصق به جميع الصور له ولرحلاتنا وذيل كل صورة بعبارة تذكره بهذه الصورة ومن العجيب أنه احتفظ بتذكرة ركوب التلفريك بجنوب ألمانيا أيام الثلج! لكن لا محالة سيكون لها صداها عنده بيوم من الايام

!10- جدول ونظم يومك بما يتناسب معك ويخدم هدفك وهذا سيسهم بسرعة لتألف المكان الذي أنت فيه. وتعتاد على برنامج يسهم بتكيفك.

11- ارسم غرفة نومك بنفسك: فهي حياتك الخاصة فاجعلها معينةً لك على التكيف ولا تجعلها خندقاً ومكاناً لصنوف الدراما المحزنة والمهيجة لك للحنين للوطن والأهل بل إجعلها تشع بصنوف الفأل الحافز لك على التكيف، ولكل شخص نظرته فيما سيعينه على التكيف. فهل ستفعلها؟
12- ابتعد عن الانغلاق والعيش داخل دائرة المعهد والسكن فقط، بل لابد من الخروج وبشكل يومي ولو أن تـتـنـزه لمدة ساعة واحدة، وأنصحك بزيارة مكتبات المدينة لتتعرف على الكتب التي تساعدك في التعلم والمكتبة العامة بالمدينة وكذا الحديقة العامة والتي تكثر بكل حي سكني وكذا متاحف المدينة فلابد أن تشغل وقتك بما ينفعك فكل ما تشاهده هو علم ومعلومة أنت تكتسبها فأحسن استثمارها.
13- [اقطع طريق العودة ] ضع في ذهنك أن هذا قرارك أنت! وأنت اتخذته بقناعة ولابد من أن تنجح وتحقق المقصود من سفرك. فلا تفتح أو تضع لنفسك خط رجعة وتقول اجرب! لا اقطع أي فكرة تجدها تخطر ببالك لهذا الأمر وسخر قدراتك وإمكانياتك كلها لخدمة هدفك وأن تنجح في تحقيقه. وحدث نفسك دوما بأنه لا عودة إلا بوثيقة التخرج بإذن الله.
14- يمر الطالب المبتعث بمشاكل تكيف تقوى وتضعف من شخص لأخر وهي من شعور بفقد الأهل وتغير أسلوب الحياة والمعيشة إلى مشاكل الصدمة الثقافية إلى حنين للوطن... وتراوده أحلام العودة إلى الوطن والمدينة... وهذه الأمور تجعله في الشهر الأول غير مستقر نفسياً بسبب الشعور بالغربة والإحساس بالصراع بين القيم الثقافية التي يحملها وبين القيم المجتمع المتواجد فيه...
لن أخوض في حلول وتفصيلات، لكن باختصار أهمس في اذنك فأقول: اعلم بأن دافع العلم والطموح يدفعك للصبر على المعاناة وتحمل المصاعب مهما كبرت، وسلوتك في ذلك أنه طريق مر به كل العلماء والطموحين والمتميزين، وهو أشبه بما يعانيه المتدرب على رياضة ما تجده يشعر بالألم أثناء التمرين فيصبر ويتصبر ثم تتلاشى جميع الآلام مع أول تصفيق لمشجعيه ويبقى الفوز شاهداً له ويبقى من الألم ذكرى تحفزه لفعل المزيد من العمل.... لذا فنحن في أشد الشوق لسماع أهازيج الفرح تصدح لك في أرض الوطن... فرحةً بحصولك على مبتغاك، فهل ستُسمِعَ محبيك أهازيج الفرح إن شاء الله.
15- أمامك إجازة نهاية السنة وتتفاوت مدتها من 5 الى10 أيام بحسب كل ولاية المهم في الأمر خطط لها من الآن. وكيف ستقضيها؟ بشرط أن تستحضر أمراً مهما وهو أن تسخرها لخدمتك وخدمة هدفك لكي تكون في غاية الرضا عن نفسك بعد انتهائها!
******
16- الإنسان اجتماعي بطبعه فلا تخشى من مقابلة الإخوة العرب - والعرب كما قلت سابقاً تعني السعودي والخليجي والعرب عموماً- ولا يتبادر إلى ذهنك بأنهم سيفسدون عليك تعلم اللغة كلا فهذا هاجس فاسد أنت من يتحكم بشخصه وأنت من يفتح ويغلق باب الزيارات فمقابلتهم لا تعني أن تراهم وتزورهم كل يوم! بل كثير ممن قابلناهم في الغربة من الإخوة العرب استفدنا منهم في مجال اللغة الكثير ولكني أنصحك أن لا تسرف في مقابلتهم لكن ليكن ذلك بيوم الجمعة مثلاً، لا سيما وأنهم يحملون همَّ الغربةِ مثلك.
17- الصداقة: احرص على تشكيل صداقات في بلد الغربة ولتكن صداقتك مع أبناء الجالية المسلمة من العرب او من غير العرب الذين لا يتحدثون العربية فتكون ملزماً معهم بالتحدث باللغة الألمانية. وستجدهم مع زيارتك لمسجد المدينة او في الجامعة. ومن واقع تجربتي معهم وجدتهم يُكنون كل الاحترام للمسلم العربي وخصوصاً السعودي بل يعينونك على الخير، وستجد مبتغاك من تعلم اللغة عن طريقهم.
18- افتخارك بدينك واعتزازك بوطنك والبعد عن مواطن الشبهة صورة لك تجعل المحيطين بك يحترمون شخصك.
19- بأيامك الأولى سترى ممن هم حولك بالمعهد والسكن وقد ارتكبوا المحرمات كشرب الخمر والزنا فلا يبث في نفسك هذا بأنك لا محالة واقع إن أنت بقيت بهذه البعثة أو أن تبعث في نفسك روح التشاؤم ...، كلا بل اصمد واعلم بأن هؤلاء هان أمر الله ونهيه عليهم فهانوا عليه، بعدت عيون البشر عنهم فحسبوا أن عين الله لا تراهم؟ هؤلاء معرفتك لاقترافهم هذا الأمر إشارة تتطلب منك أمور الأول تعاهد النصح لهم. والثاني أن لا تخالطهم بمنكرهم. والثالث أن تعلم من هو أحق الناس بصداقتك في الغربة وكن فطناً لبـيـبا - نسأل الله الهداية لنا ولهم -.
******
20- يتحتم عليكم كونكم أنتم مع بعضكم البعض بالمعهد والسكن أن تضعون آلية للشهور القادمة وتخصيص أوقات لتتقابلوا فيها ولا يكون ديدنكم الاجتماع يومياً والتنقل داخل المدينة سوياً [ كمجموعة] وكأنكم منتخب رياضي غادر البلد لمشاركة رياضية ولعلي أشير عليكم بتحديد يوم في نهاية الأسبوع لتجتمعوا سوياً تطبخوا سوياً...
21- حاول الاشتراك بأنشطة المعهد من رحلات وزيارات ومسابقات لكن لا تغفل عن رسم صورة الطالب المسلم المعتز بدينه وأن هنالك حدود لا يحل له تجاوزها. وهم سيتفهمون ذلك وسيحترمون دينك وهذا من واقع التجربة فلقد سبق أن قابلوا العديد من الطلبة المسلمين المتمسكين والمعتزين بدينهم. ويعلمون بأنك عندما ترفض ما يتعارض مع دينك فأنت تعني ما تقول.
22- لعل سكنكم مجتمعين بسكن المعهد حافز لك لتتفق مع أخ لك او أخوين لتأدية الصلاة جماعة بغرفة أحدكم [وحددت العدد القليل لصغر الغرفة] فإن اتى وقت صلاة العصر تكون الصلاة عند فلان والمغرب عند ... والعشاء عند ... والفجر عند ... ثق بأن هذه الطريقة معينة وتجدد الود بينكم ولقد عملت بها بطلب من أحد الإخوة وكانت رائعة ولها وقع في النفس لا يوصف، لما فيها من أسمى معاني التآخي وكم من أخ لك لم تلده امك؟ اليس مثل هذا الأمر باعث لك لتتكيف في حياتك الجديدة؟
ختاماً لتعلم أخي المبتعث بأن الفترة الأولى من الغربة هي الأصعب ثم تتحسن امورك بإذن الله.


الموضوع (( منقوـوـول )) للفائده

جزاك الله خير انت والكاتب الاصلي

مشكووووووووووووووووووووووووووور

جزاك الله خير انت والكاتب الاصلي

موضوع رائع و فايدته كبيرة ... شكرا لك .

الله يسعدك يالغالي على النقل وهذا دليل على حرسك بأخوانك المغتربين

وجزاك الله الف خير