مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 28/06/2003, 05:57 AM
المناصر المناصر غير متواجد حالياً
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 22/04/2003
مشاركات: 210
د.الأهدل: أثر التربية الإسلامية (35) تابع.. النماذج التطبيقية..

أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع الإسلامي(35)

المثال الخامس من النماذج التطبيقية لأثر التربية الإسلامية:

الورع العالي:

كما في قصة تقيؤ أبي بكر رضي الله عنه ما أكله عندما علم أنه من كسب حرام.

"عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج، وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يوما بشيء فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام: تدري ما هذا؟ فقال أبو بكر: وما هو؟ قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته، فلقيني فأعطاني بذلك، فهذا الذي اختلفا منه، فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه" [البخاري (4/236)].

تأمل صنيع أبي بكر هذا، أكل لقمة من سعي غلامه، وهو جائع قبل أن يسأل عن مصدر الكسب، والظاهر من الأثر أنه كان من عادته أن يسأل قبل أن يأكل احتياطاً، فلمّا أخبره الغلام بسبب كسبه وعرف أنه غير مشروع لم يطق أن يختلط غذاؤه بتلك اللقمة الخبيثة بدمه، فاستقاء ليخرجها وما اختلطت به في بطنه، وما كان رضي الله عنه مكلفاً أن يفعل ذلك، وقد أكلها دون أن يعلم أنها من كسب خبيث، ولكن التربية الإسلامية التي تربّاها على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، هي التي أوصلته إلى ذلك الورع العالي الذي لا يصل إليه إلا من بلغ درجة المتقين الذين يدَعُون ما لا بأسس به خشية مما به بأس، أليس كان يكفي أبا بكر أن يستغفر الله ويتوب إليه ويدع ما بقي من ذلك الكسب غير المشروع؟ بلى ولكن الورع العالي لم يدعه يكتفي بذلك.

إن الذي لم بُربّ التربية الإسلامية على طاعة الله ليلتمس الحصول على ما ليس له فيه حق، ليسطو عليه في غفلة عن صاحبه، وإن كثيراً ممن ولاهم الله أمور الناس ليسلكون سبلاً شتى في الاعتداء على حقوق الناس، مستغلين قوتهم وسلطانهم، ولكن سلطان الله يسلك بأهله سبيلاً آخر وهو تقوى الله وعدم إضرار الناس.

فأين هذا الورع العالي الذي ضرب له أبو بكر رضي الله عنه أروع مثال، بإخراج لقمة الرزق الخبيث مع ما اختلطت به من الرزق الحلال، وكان أكلها وهو جائع ولا علم له بها؟

أين هذا من جباة الحرام وطالبي الاعتداء على حقوق الناس؟!.

هذا وليعلم أن تربية الفرد بالعلم النافع والعمل الصالح لتستغرق كل أوقات حياته بأصول الإيمان وما تفرع عنها، وأصول الإسلام وما تفرع عنها، وكل أصل من أصول الإيمان وفروعه، وكل أصل من أصول الإسلام وفروعه له أثره العظيم على حياة الفرد إذا جاء به على مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم، يجعل ذلك الفرد صالحاً مصلحاً، يحب الصلاح والمصلحين ويكره الفساد والمفسدين، ويسعى قدر طاقته أن يزداد الصالحون صلاحاً، وأن يقلع المفسدون عن فسادهم ويكونوا مع الصالحين .

ومن تتبع منهاج حياة المسلم الذي شرعه الله تعالى له سواء فيما يتعلق بصلته بربه أم صلته بالآخرين، وجد أنه لا يوجد للمسلم فراغ يرتكب فيه ما حرم الله أو يترك ما أمر الله به. [راجع إن شئت قسم الجهاد المعنوي في الفصل الثاني من الباب الأول من كتاب للمؤلف بعنوان: الجهاد في سبيل الله حقيقته وغايته (1/274-437) الطبعة الأولى، نشر دار المنار في جدة]

ويشمل ذلك قلب الإنسان وعقله وجسمه [راجع بحث ضرورة حفظ العقل في كتابنا الإسلام وضرورات الحياة. وكذلك الجهاد في سبيل الله (1/438- 473)].
اضافة رد مع اقتباس