الشلهوب.. الزئبق !! .. بقلم محمد بنيس ..!!
أي مدرب يستطيع أن يمنح لاعبيه حرية اتخاذ القرار.. والبحث عن الحلول.. لكنه لا يمكن أن يعلمهم كيف..
> وأي مدرب يضمن قوة فريقه بوجود لاعب أو أكثر.. باستطاعتهم إيجاد الحلول المناسبة واتخاذ القرارات التي من شأنها أن ترجح المباراة لصالح فريقهم.
> وهؤلاء اللاعبون ليسوا نادرين.. ولكنهم قلة.. ومن بينهم النجم العملاق محمد الشلهوب.
> الشلهوب.. أو الزئبق.. تجده هنا ولا تجده أيضا... يتنقل كالفراشة ويلسع كالحية.. يراوغ كما يتنفس.. يسدد للمرمى بقوة ودقة.. يمنح التمريرة الحاسمة.. أو كما يسمونها {اللدغة والقبر}.. التمريرة الذكية.. الملفوفة في علبة شكولاتة.. وبعدها الهدف.
> الزئبق أكبر مناور.. لصناعة هجمة.. لتصيد أي شيء على مقربة من مربع الخصم أو داخله.. فإما ثنائية أو ثلاثية وتحقق التهديد وربما الهدف أو إحراج المدافعين وإجبارهم على الخطأ.. كتشتيت خاطئ للكرة أو ارتكاب غلطات اللمس باليد أو الإسقاط وتصيد ضربة جزاء.
> خطر محدق.. خطر متنقل.. إنه الشلهوب.. إنه الزئبق.
> وهو يمتلك {لمسة كرة} فَرَابْ أو بَالْ {بالفرنسية}.. قل توفرها إلا عند الكبار.. فمهما تصل كرة عالية.. شاهقة.. يمد رجله اليسرى.. ينزلها.. يكتمها.. يأمرها.. فتطيعه.. وعندما يرفع من الوسط أو الجانب كأنه يستعمل المنقلة والبيكار.. والمسطرة !!.
وهو ثعلب مارد في تنفيذ الكرات المتوقفة أو ما يسمى بالكرات الميتة والتي تكون ضمن محيط مربع الخصم.. يسجل على الطريقة البلاتينية.. أو يهديها هوائية ملغومة لتلقى رؤوس زملائه أمام المرمى.
> الشلهوب.. يتوفر على ميزة كاملة العلامة في اللعب بدون كرة.. فبتنقلاته الذكية يفتح المساحات والاختيارات أمام أي زميل له يتملك الكرة.. وبفضل هذه التحركات من دون كرة يضاعف احتمالات المدافعين.. وبالتالي يسجنهم بين قضبان الارتباك.
> والزئبق من اللاعبين المتميزين الذين يتقنون التحرك والجري بالكرة.. من دون أن يخطئ توقيت تسبيقها فتضيع منه.. ويعرف كل اللاعبين قيمة ما أقول.
كما وانه مقاتل جيد عند الحاجة.. لأنه أصلا يأتي من الخلف.. فهو يساهم مع كل زملائه في الدفاع ووسط الميدان في استعادة الكرات المفقودة و تخريب وتدمير البناءات الهجومية للخصوم.. وبالتالي هو أفضل وأقوى عندما يستعيد الكرة.. لأنه لا يعرف التشتيت.. ولكن يوظف كرته بذكاء وسرعة لتتحول إلى مضادة هجومية تحمل في تمريرها خطرا وتهديدا حقيقيا.
لاعب بكل هذه المواصفات.. لاعب فوق العادة.. لاعب استثنائي.. لاعب كبير.. لاعب يستحق الاحتراف الأوروبي.. ولكنه كان بلا حظ في مونديال ألمانيا.. وتغيب نفسيا بوفاة والدته خلال المونديال ثم والده هذا الموسم .. وغيبه النمط التكنيكي المترهل لباكيتا.
واقترح هذا التحدي على الهلال.. أن يعلن وضع الشلهوب في لائحة الانتقالات.. {حتى من دون توقيت}.. ومتأكد أن جل الأندية السعودية تتمناه.. وكل الأندية الخليجية ستدفع الكثير لتحصل عليه.. وكما يقولون.. من مَلَكَ شيئا أهانه..
>> والشلهوب يتعرض لإهانات نفسية داخل بيته في الهلال.. مع مدرب يحسب حسابات فقيرة الآفاق.. ضعيفة الإبداع...
> الشلهوب قد يمر بمرحلة انتقالية أو كما يسمونها مرحلة فراغ.. مثلما مر منها كبار لاعبي العالم.. آخرهم.. رونالدينيو.. سواء مع البرازيل أو مع برشلونة.. لكنهم في الفريق الكاتالوني ورغم كل المغيرات المادية والملايين من اليوروات التي تسيل اللعاب.. رفضوا التفريط في جوهرتهم.. ويعرفون أن رونالدينيو.. سيعود.. قريبا.. إن لم يكن قد ابتدأ.. لأنه نجم.. ولد نجما.. والذهب لا يصدأ.. والملح لا يسوس.. والشلهوب ذهب الهلال.. والماس الكرة السعودية.. وسيعود متألقا.. رائعا.. وكما عهدناه.. زئبقا..
* نقلاً عن صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية
 | 