مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 06/11/2002, 03:35 PM
صالح ابراهيم الطريقي صالح ابراهيم الطريقي غير متواجد حالياً
كاتب رياضي
تاريخ التسجيل: 09/08/2002
مشاركات: 240
ألا تستحق مثل هذه الذات الجلد ؟

كنا في البطولات العربية أشبه بالإخوة الأعداء .. أذكر في الثمانينات وفي المغرب كان هناك مسؤول في الاتحاد العربي من البحرين حجب جائزتي أفضل لاعب وهداف البطولة بسبب أنها ذهبت لمكان لا يريد أن تذهب إليه ، وكان التحكيم أكثر من سيئ .. والسبب أن بعض الحكام العرب فقراء أو لألطفها (ذو دخل محدود) عليهم أن يخضعوا لقرارات مسؤول الاتحاد ليضمنوا في البطولة القادمة أن يضم اسمهم ، فيأخذوا انتدابا وأجرا على التحكيم ليحسنوا دخلهم، فالطلبات أكثر من أن تحتفظ بضميرك .. لا ألومهم كثيرا ولا أطالبهم أن يكون لهم صوت ، الفقر يخنق الإنسان فيموت صوته ، ويرهق ضميره .. عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يعرف الفقر أكثر من أي شخص لهذا ودَّ أن لو كان إنسانا ليقتله .
كنا أيضا نشارك في بطولات الخليج ، في تلك البطولات كان الأمر يختلف قليلا ، فيؤتى بحكام من (أوربا من الكتلة الشرقية جهة الفقراء) .. وكان يحدث نفس الشيء ، حكم فقير يبحث عن مصروف إضافي حتى لا تخرج ابنته لبيع جسدها ، أو يطلق أبناءه للشوارع .
تركت مطاردة الكرة غير مأسوف عليها ، وأظن غير مأسوف عليّ .. ورحت أتابع من بعيد كشاهد ومراقب لا قيمة لمراقبته ولا لما يكتبه ولا حتى لِما شاهده ، كانت الشخصيات تتغير ولم تتغير القصة التي بدت مملة وتثير الاشمئزاز للقارئ والكاتب أيضا .. بطولة عربية تبدأ بشعار (بلاد العرب أوطاني) ، وتنتهي بدليل واضح أننا كاذبون .
الآن وأنا أتابع ما يحدث ، أشعر أن هناك خللا كبيرا في ذواتنا ، لا نحب المرآة إلا إن كانت تزوّر حقيقتنا ، لهذا نختار بعناية من سيعمل معنا ، ينبهنا (الوحي) أن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ، فنبحث عن مرآة مخادعة من هناك ، أحيانا وفي لحظات ضعف وقل حيلة تتمنى لو أن المنافقين في الدرك الأسفل في الحياة أيضا .
هل أبدو هنا كما يقول البعض أنني أتمتع في جلد الذات وأني (ماسوشي) ؟
ربما .. ولكن ألا تستحق مثل هذه الذات الجلد ؟
بالأمس في بطولة آسيا المؤهلة لكأس العالم ، كان الأمر لا يشير بأن هناك خداعا وغشا فقط ، بل وفضح لوعينا بمفهوم الرياضة وما الذي يمكن أن تقدمه لنا الرياضة ، وكيف هي رسالة للآخرين تحكي حقيقتنا .. فهل جئنا للرياضة لنقول للآخرين: إننا خير أمة أخرجت للناس ، تؤمن بالله وتقيم العدل (وتقطع يد أبنها لو سرق) ؟
وهل ما حدث هناك في إيران له صلة بالعدل ؟
لقد شوهنا ذاتنا هناك .. وخدعنا أنفسنا ، وأكدنا أننا لم نستطع أن نكون كما أمرنا رسولنا صلوات الله عليه وسلامه .. خير أمة أخرجت للناس ، لأن العدل انتفى من حياتنا الرياضية ، ولست أدري ما الذي بقي منه من الماء للماء .. من الخليج للمحيط .
اليوم وأنا أتابع البطولة العربية لكرة اليد والتي حققها فريق الخليج ، وأقرأ الإعلام العربي .. في سوريا يقسمون أن المسألة مؤامرة .. هنا نبكي على هدر الأخلاق ، يقولون: إن قناة الجزيرة ستسن سيفها بسبب ضرب الحكام القطريين .
وكلهم لم يخبرونا لماذا حدث هذا .. ولماذا يستمر .. وما الفرق بيننا وبين الآخرين ؟
في كأس العالم 98 بفرنسا ، حدثت مشادة بين شرطي فرنسي ومتعصب مخمور ألماني ، فدخل الشرطي الفرنسي في غيبوبة ، في ذاك الوقت كتب الاتحاد الألماني لفرنسا ، يعتذر لما حدث ويقول لهم: هل تعتقدون أن انسحابنا سيساعد في إيصال البطولة لبر الأمان .
كان ردة الفعل لدى الكل ، أنه ليس من العدل أن تؤخذ دولة بجريرة شخص معتوه ، وأن العقلاء في ألمانيا يعرفون كيف يحافظون على سمعة وطنهم .
هنا قرأنا في الإعلام العربي أن الجميع معه حق ، وكل يرى أنه على صواب ، ولا أحد يعرف من هو المخطئ ، لهذا لم تحل مشاكلنا .
وأظنها لن تحل .. طالما هناك من يخطف الكأس ولا يسلمه للفريق ، وتعطى الميداليات البرونزية له ، ويعد رئيس الاتحاد العربي نادي الخليج بأن يشتري لهم كأسا جديدة وميداليات جديدة .
ألا يبدو الأمر مثيرا للسخرية ونحن نسمع مثل هذا .؟
أليست هذه الأمور تقول لنا: إن هناك خللا كبيرا في فهمنا للرياضة ، فالمسألة ليست ميدالية أو كأسا تعطى لهذا أو تؤخذ من ذاك .
المسألة وباختصار شديد أن الرياضة مرآة للمجتمعات وهي نتاج لفكره ، وحين يلتبس الأمر علينا فلا نعرف من هو على صواب ، من هو على خطأ ، يكشف لنا أن مفهوم العدل لدينا غير واضح ، فننقسم ونلجأ للمثل (أنا وأخي على أبن عمي .. ) وإن لم يكن الحق معه ، فالحق مرتبط بالعدل ، والعدل ملتبس لدينا .
وبدون العدل لن نكون (خير أمة أخرجت للناس وإن .....) .
يقول علي عزت بيجوبتش (رئيس البوسنا) في كتابه (هروبي إلى الحرية) : (لا يمكن معالجة المجتمع المريض بالصمت ، يجب الصراخ بأن المرض موجود) .