07/11/2006, 10:03 PM
|
زعيــم فعــال | | تاريخ التسجيل: 04/11/2002 المكان: في كل حرف من صدى الكلمات
مشاركات: 415
| |
اذهب بسلام . عن محمد بن عبد الله الأنباري ، قال : سمعت الفضيل بن عياض يقول : لما قَدِمَ هارون الرشيد إلى مكَة قعد في الحِجر هو و ولدُه ، وقومٌ من الهاشميين ، و أحضروا المشايخ ، فبعثوا إليَّ ، فأردت أن لا أذهب ، فاستشرت جاري ، فقال : اذهب لعله يريدأن تَعِظَه . فدخلتُ المسجد ، فلما صرت إلى الحِجر قلت لأدناهم : أيُكم أميرُ المؤمنين ؟ فأشار إليه ، فقلتُ : السلامُ عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، فردَّ عليَّ ، وقال : اقعُد ، ثم قال : إنما دعوناك لتحدِّثنا بشيء ، و تعظَنا ، فأقبلتُ عليه ، فقلت : ياحسنَ الوجه ، حسابُ الخلق كلهم عليك . فجعل يبكي و يشهَقُ ، فرددتُ عليه ، وهو يبكي ، حتى جاء الخادم فحملوني و أخرجوني ، وقال اذهب بسلام . المصدر : نزهة الفضلاء (2/666 ) الموت أحب إلى أحدهم من الحياة نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ، ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله ، هكذا قالها عمرالفاروق لأبي عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنهما ، عندما قدم الشام ليتسلم مفاتيح بيت المقدس من البطاركة ، وقد كان يلبس ثوباً مرقعاً ، ويركب بغلة يتناوبها مع غلام له، فأرادوا منه أن يغير ملابسه وبغلته . ذلك أن المسلمين إنما فتحوا البلاد وقلوب العباد بحبهم لربهم وسيرهم على نهج نبيهم وتعلقهم بجنة خالقهم ، فما عرفت الدنيا طريقاً إلى قلوبهم ، ولا تسلطت على نفوسهم . وفي القصة التالية ما يشير إلى هذا المعنى ، إذ لما فتح المسلمون مصر بقيادة الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه أرسل المقوقس رسلاً إلى عمرو ، فحبسهم عمرو عنده يومين ، ولما رجعوا إلى القوقس سألهم : كيف رأيتم ؟ فقالوا : رأينا قوماً الموت أحب إلى أحدهم من الحياة ، والتواضع أحب إليهم من الرفعة ، ليس لأحدهم في الدنيا رغبة ولا نهمة ، وإنما جلوسهم على التراب ، وأكلهم على ركبهم ، وأميرهم كواحد منهم ، ما يعرف رفيعهم من وضيعهم ، ولا السيد من العبد ، وإذا حضرت الصلاة لم يتخلف عنها منهم أحد ، يغسلون أطرافهم بالماء ويخشعون في صلاتهم . فقال المقوقس عند ذلك : والذي يحلف به ، لو أن هؤلاء استقبلوا الجبال لأزالوها ، وما يقوى على قتال هؤلاء أحد ! لأجل هذا هابهم الأعداء وخشيهم الألداء ، ولما تنكبت الأجيال من بعدهم الطريق تداعت على أمتنا الأمم كتداعي الأكلة على قصعتها ، وماهم بقليل ، ولكنه حب الدنيا وكراهية الموت يا عدتي عند كربتي روي أن الحسن البصري دخل على الحجاج ، بواسط ، فرأى بناءه فقـال : ( الحمد لله ، إن هؤلاء الملوك ليرون في أنفسهم عبراً ، يعمد أحدهم إلى قصره فيشيده ، وفرس يتخذه ، وقد حف به ذباب طمع وفراش نار ، ثم يقول : ألا فانظروا ما صنعت . فقد رأينا يا عدو الله ما صنعت ، فماذا يا أفسق الفاسقين ، أما أهل السماء فمقتوك ، وأما أهل الأرض فلعنوك ، ثم خرج وهو يقول : إنما أخذ الله الميثاق على العلماء ليبيننه للناس ولا يكتمونه ) . فتغيظ الحجاج عليه غيظا ًشديداً ، وقال : يا أهل الشام ، هذا عبيد أهل البصرة ، يدخل عليّ فيشتمني في وجهي ، فلا يكون له مغير ولا نكير ، والله لأقتلنه . فمضى أهل الشام إلى الحسن ، فحملوه إلى الحجاج ، وعرف الحسن ما قاله ، فكان طول طريقه يحرك شفتيه . فلما دخل وجد السيف والنطع بين يدي الحجاج وهو متغيظ ، فلما رآه الحجاج كلمه بكلام غليظ ، فرفق به الحسن ووعظه ، فأمر الحجاج بالسيف والنطع فرفعا ، ولم يزل الحسن يمر في كلامه حتى دعا الحجاج بالطعام فأكلا ، وبالوضوء فتوضآ ، وبالغالية – نوع جيد من الطيب – فغلفه بيده ، وصرفه مكرماً . فقيل للحسن : بم كنت تحرك شفتيك ؟ قال : قلت : يا غياثي عند عودتي ، ويا عدتي عند كربتي ، ويا صاحبي في شدتي ، ويا وليي في نعمتي ، ويا إلهي وإله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ، ويعقوب والأسباط وموسى وعيسى ، ويا رب النبيين كلهم أجمعين ، ويا رب كهيعص ، وطه ويس ، ويارب القرآن الكريم ، صل على محمد وآله الطيبين الطاهرين ، وارزقني مودة عبدك الحجاج وخيره ومعروفه ، واصرف عني أذاه وشره ومكروهه ومعرته . قال صالح بن مسمار : فما دعونا بها في شدة إلا فرج الله عنا . الفرج بعد الشدة ، للقاضي التنوخي ،ص43 |