مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #9  
قديم 29/07/2006, 04:03 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ عسم الزعيم
عسم الزعيم عسم الزعيم غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 05/06/2004
المكان: في أرض الله
مشاركات: 2,028
إقتباس
لبنان... دماء ودموع في حرب مفروضة ومرفوضة
اطفال لبنان يفترشون المدارس .. ويحلمون بالثأر من اسرائيل


ترصدها : شاديا عواد (بيروت)
«لبنان» تلك الأغنية الجميلة والمكان الفسيح المضياف تحول بين ليلة وضحاها إلى مرثية حزينة لملحمة دموية تفوح رائحة الموت منها. ... الأشجار الخضراء تحولت إلى يباس والمياه الصافية باتت ملازمة للدماء الحمراء، ضريبة دم يدفعها لبنان وشعبه بفعل آلة إجرام إسرائيلية لا تميز بين الحجر والبشر ولا تميز بين المدني والعسكري، ولا بين لعبة الاطفال وبندقية المقاتل. «يوليو 2006» تاريخ لن ينساه اللبنانيون طالما ان الموت زرع حدائقهم والدموع سقت أزهارهم وتحولت جسورهم الحالمة إلى كوابيس مؤلمة.«لبنان من الداخل» هو وطن متألم، جريح، لكنه صامد متمسك بالغد المشرق وبالأيام السعيدة وكما تقول الأغنية اللبنانية الشهيرة «إن الثورة تولد من رحم الأحزان».


مشهد لم يكن مألوفاً في هذا المكان الذي كان منذ فترة ليست ببعيدة مدرسة تؤوي أحلام جيل يعول عليه في بناء وطن، مشهد اطفال يفترشون الملعب الذي كان مرة شاهداً على شقاوتهم الطفولية.
حسين اعتاد ان ينزل إلى ملعب المدرسة في فترة الاستراحة ليلعب فيه مع رفاقه ولكنه لم يعتد ان ينام فيه أو يعيش فيه ووسط زحمة المكان والضحيح المرتبك ووسط حركة الزائرين المتطوعين للمساعدة يحاول حسين ورفاقه لملمة جراحاتهم واستيعاب مأساة كبيرة.
متى سأعود إلى بيتي في الضاحية؟ سؤال طرحه علينا حسين وكان عجزنا عن الإجابة هو الجواب الوحيد «غداً عندما يتوقف القصف». يقول والده الذي يجلس قريباً منا وفي يده مذياع صغير يتابع من خلاله أخبار العدوان الإسرائيلي وتداعياته التي ذاق منها ما يكفي.
تجولنا في المكان المكتظ بالنازحين في احدى الزوايا بلغ آذاننا بكاء طفل يسأل عن أبيه، وفي زاوية أخرى أم تحاول اطعام ولدها مما توفر في ظل النقص المتزايد في المواد الغذائية والماء وعلى وقع الاحاديث الدائرة وتحليلات الكبار، أطفال يصغون باهتمام وآخرون يلعبون في محاولة منهم لاستذكار ماض قريب كانت فيه الحياة مرحة مليئة بالنشاطات، يضحكون بارتباك وفي عيونهم البريئة مجموعة تساؤلات عن مصير يجهلونه ومنزل فقدوه وحياة ما عادت كما كانت وربما لن تعود.
جولتنا استمرت لمدة ساعتين كان الأطفال يتبعوننا خلالها في كل مكان وكانت كاميراتنا والصور التي كنا نلتقطها لهم عبارة عن لعبة جديدة لم يفهموا غايتها بعد رغم اعتيادهم على زيارة الصحافيين لهم وسؤالهم عن أشياء ربما لا يفهمونها ولكنهم يجيبون ببساطة الأطفال على قدر ما يفهمون وما يمليه عليهم عالمهم الصغير.
أسأل حسين: «كم تبلغ من العمر؟» فيرد بخجل: خمس سنوات. إلى ماذا تشتاق يا حسين أكثر من أي شيء آخر؟ فيرد أيضاً: إلى ألعابي. وأتابع حديثي البسيط معه عن احواله وعمن يهتم به فيقول: أنا بخير أمي وأبي يعتنيان بي ومديرة المدرسة أيضاً.
ويتابع: أنا لم أعد أخاف مديرة المدرسة. وأبتسم له فيما يقترب منه عباس الذي يبلغ الثلاث سنوات ويحاول الالتصاق به ليظهر في احدى الصور التي كنا نلتقطها لحسين وهو من آل دكروب. ويتدخل أبوه من جديد: «رغم المساعدات التي نتلقاها إلا أننا ما زلنا نصف منسيين في هذه المدرسة، وهي مدرسة تقع في منطقة الكفور الكسراونية شرق بيروت». ويضيف: « اهل المنطقة يحاولون مساعدتنا قدر الامكان وهم مشكورون ولكن هناك احتياجات كثيرة لا تزال تنقصنا حيث لاتوجد هيئات رسمية تزورنا في هذا المكان ربما من هم في العاصمة بيروت أوضاعهم أفضل».
ثم ينضم إلينا طفل صغير اسمه علي وهو يتمسك بطابة صغيرة وكأنها كل ما يملك ويسألنا بتلعثم الاطفال اذا كنا نريد أن نلعب، ويتبعه صديقه حسين ياسين ويقترب والد هذا الأخير ويحثه على رفع إشارة النصر دليلاً على ايمانهم بقضية، واخلاصهم لكفاح الشعب اللبناني.
وليس ببعيد عن هذا التجمع الصغير فتاة في السادسة تبكي بحرقة ونسألها عن السبب فتقول: «لقد هدموا مدرستي رأيتها وهي تحترق» ثم تتبع تصريحها بسؤالها «متى سنعود إلى المدرسة؟»

منقول من صحيفة عكاظ اليوم السبت
اضافة رد مع اقتباس