الموضوع: حكم الجهاد(5/6)
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 22/12/2001, 02:47 AM
د . عبد الله قادري د . عبد الله قادري غير متواجد حالياً
كاتب ومفكر إسلامي
تاريخ التسجيل: 06/12/2001
مشاركات: 485
حكم الجهاد(5/6)

ثانيا: الأدلة من السنة على أن الجهاد فرض كفاية:
1- من السنة القولية:
من ذلك حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثا إلى بني لحيان من هذيل، فقال: ( لينبعث من كل رجلين أحدهما، والأجر بينهما ) وفي رواية: ( وليخرج من كل رجلين رجل ) ثم قال للقاعد: ( أيكم خلف الخارج في أهله وماله بخير كان له مثل نصف أجر الخارج ) رواه الإمام مسلم [ 3/1507 ].
فالحديث صريح في أن الجهاد ليس فرضا على الأعيان، بل هو فرض كفاية، وإلا لما قال: ( لينبعث من كل رجلين أحدهما ] ولما أثبت للقاعد الذي يخلف الخارج أجرا
[ والأحر بينهما ]
ومن ذلك حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ( من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلفه في أهله وماله بخير فقد غزا ) مسلم أيضا نفس الجزء والصفحة.

2- السنة الفعلية:
فقد كان صلى الله عليه وسلم يخرج في الغزوات تارة، ويبقى في المدينة تارة، ويؤمر غيره على الغزوة أو السرية، كما في حديث بريدة عن، أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا علفى جيش أو سرية، وصاه في خاصته بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيرا، ثم قال: ( اغزوا باسم الله، في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله … ) الحديث. رواه مسلم [ 3/1357 ]
ولم يكن يأمر جميع أصحابه بالخروج، بل يأمر بعضهم دون بعض، إلا أ ن يكون نفيرا عاما،كما في غزوة تبوك. وهذا من أقوى الأدلة على أن الجهاد ليس فرض عين وإنما هو فرض كفاية.
2- المعنى يقتضي كون الجهاد فرض كفاية.
ومما يدل على أن الجهاد فرض كفاية المعنى الذي شرع له، وهو إعلاء كلمة الله، فإذا قامت به طائفة من المسلمين حتى تحقق هذا المعنى فعلت كلمة الله في الأرض، وقُهِ أعداء الإسلام المحاربون له بتلك الطائفة، فقد حصل المقصود الذي شرع له الجهاد، فلا محل لجعله فرض عين على كل المسلمين كالصلاة مثلا.
تنبيه مهم
وهنا لا بد من التنبيه على معنى فرض الكفاية الذي لا يفهم فقهه كثير من الناس، ولو فقهه المسلمون حق الفقه، لكان للجهاد في هذا العصر شأن آخر، غير ما أصيب به المسلمون من ذلة وصغار في كل أنحاء الأرض.
ففرض الكفاية الذي يسقط عن الأمة بقيام طائفة به، هو أن تكون تلك الطائفة كافية في القيام به، وليس المراد مجرد قيام طائفة مجاهدة ولو لم يكن جهادها كافيا، فلا يصح إسقاط الجهاد عن الأمة الإسلامية كلهم بقيام طائفة منهم في جزء من الأرض، ولو كانت كافية في ذلك الجزء، مع بقاء أجزاء أخرى ترتفع فيها راية الكفر، فإن كل جزء من تلك الأجزاء يجب على المسلمين القريبين منه أن يجاهدوا – ما داموا قادرين - من حارب الله ورسوله وعباده المؤمنين ووقفوا عقبة لصد الناس عن الدعوة إلى الله حتى يقهروهم، فإذا لم يقدروا على قهرهم، وجب على من يليهم من المسلمين أن ينفروا معهم، وهكذا حتى تحصل الكفاية. ولهذا فال في حاشية ابن عابدين: " وإياك أن تتوهم أن فرضيته ( الجهاد ) تسقط عن أهل الهند بقيام أهل الروم مثلا، بل يفرض على الأقرب فالأقرب من العدو إلى أن تقع الكفاية، فلو لم تقع إلا بكل الناس فرض عينا، كصلاة وصوم "
قلت: والذي يتأمل أحوال المسلمين مع أعداء الله المحاربين للإسلام، يجد أن الجهاد اليوم فرض عين على كل قادر عليه من أفراد المسلمين، وليس فرض كفاية، لأن بعض طوائف المسلمين التي تقوم بالجهاد ضد عدوان الكفار على أرضها وعرضها ومقدساتها في عقر دارها لا تكفي لقهر عدوها، بل العدو هو الذي يقهرها، بل ينصر العدو عليها من يدعي الإسلام، وما قضية المسلمين في فلسطين بخافية على المسلمين !!!
راجع في تفسير الآيات الكتب الآتية: الجامع لأحكام القرآن [ 3/293 ] جامع البيان عن تأويل آي القرآن [ 11/70 ] التفسير الكبير للرازي [ 11/9 ]
وراجع في كتب الفقه: المبسوط [ 10/3 ] والمغني لابن قدامة [ 9/196 ] وبدائع الصنائع [ 9/4300 ] وتكملة المجموع للعقبي [ 18/ 47 ] وحاشية ابن عابدين [ 4/124 )

===================

( 6 )
القول الثاني في حكم الجهاد أنه فرض عين.
وهو رأي سعيد بن المسيب رحمه الله، وبه قال بعض الشافعية، وذكره ابن قدامة في المغني ورد عليه، وذكره ابن رشد عن عبد الله بن الحسن واستدل هؤلاء بأدلة فرض الجهاد المطلقة، وقد ذكر كثير منها في القول الأول من الكتاب والسنة، ومضى ذكر ما عارضها من النصوص الدالة على أنه فرض كفاية، وبهذا يعلم أن القول الأول هو الراجح، والله أعلم.
==========
مراجع هذا القول: فتح القدير لابن الهمام (5/439) المغني لابن قدامة (9/196)
حواشي تحفة المحتاج (9/439) بداية المجتهد(1/396)
اضافة رد مع اقتباس