مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #54  
قديم 01/09/2020, 10:16 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ sauood
sauood sauood غير متواجد حالياً
زعيــم متألــق
تاريخ التسجيل: 03/09/2012
مشاركات: 1,018
والحج كذلك، لوتركه الإنسان القادر المستطيع تفريطاً حتى مات، فإنه لايحج عنه، لأنه لايريد الحج فكيف تُحج عنه وهو لايريد الحج.

وهنا مسألة: هل يجب على ورثته أن يخرجوا الحج عنه من تركته؟

والجواب: لا، لأنه لاينفعه ولم يتعلق به حق الغير كالزكاة، قال ابن القيم في تهذيب السنن: هذا هو الذي ندين الله به أوكلمة نحوها، وهو الذي تدل عليه الأدلة.

فيجب على الإنسان أن يتقي الله عزّ وجل لأنه إذا مات ولم يحج مع قدرته على الحج فإنه لوحُجَّ عنه ألف مرة لم تبرأ ذمته.

.11 الانتقال من الأدنى إلى الأعلى، فالإسلام بالنسبة للإيمان أدنى، لأن كل إنسان يمكن أن يسلم ظاهراً،كما قال الله تعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا ) (الحجرات: الآية14) لكن الإيمان - اللهم حقق إيماننا- ليس بالأمر الهين فمحله القلب والاتصاف به صعب.

.12 أن الإسلام غير الإيمان،لأن جبريل عليه السلام قال: أخبرني عن الإسلام وقال: أخبرني عن الإيمان وهذا يدل على التغاير.

وهذه المسالة نقول فيها ما قال السلف:-

إن ذكر الإيمان وحده دخل فيه الإسلام، وإن ذكر الإسلام وحده دخل فيه الإيمان، فقوله تعالى: (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً )(المائدة: الآية3) يشمل الإيمان، وقوله تعالى: (فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ )(آل عمران: الآية20) يشمل الإيمان.

كذلك الإيمان إذا ذكر وحده دخل فيه الإسلام، قال الله تعالى: (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)(الصف: الآية13) بعد أن ذكر (تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ)(الصف: الآية11) قال: (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) [الصف:13].

- أما إذا ذكرا جميعاً فيفترقان ،ويكون الإسلام بالأعمال الظاهرة من أقوال اللسان وعمل الجوارح، والإيمان بالأعمال الباطنة من اعتقادات القلوب وأعمالها. مثاله: هذا الحديث الذي معنا، ويدل على التفريق قول الله عزّ وجل: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ )(الحجرات: الآية14).

فإن قال قائل: يرد على قولنا: إذا اجتمعا افترقا إشكال، وهو قول الله تعالى في قوم لوط: (فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ*فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [الذّاريات:35-36] فعبر بالإسلام عن الإيمان؟

فالجواب: أن هذا الفهم خطأ، وأن قوله: (فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) يخص المؤمنين وقوله: (فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) يعم كل من كان في بيت لوط، وفي بيت لوط من ليس بمؤمن، وهي امرأته التي خانته وأظهرت أنها معه وليست كذلك، فالبيت بيت مسلمين، لأن المرأة لم تظهر العداوة والفرقة، لكن الناجي هم المؤمنون خاصة، ولهذا قال: (فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) وهم ما عدا هذه المرأة، أما البيت فهو بيت مسلم.

ويؤخذ من هذه الآية فائدة هي: أن البلد إذا كان المسيطر عليه هم المسلمون فهوبلد إسلامي وإن كان فيه نصارى أو يهود أومشركون أوشيوعيون، لأن الله تعالى جعل بيت لوط بيت إسلام مع أن امرأته كافرة، هذا هو التفصيل في مسألة الإيمان والإسلام.

والحاصل أنه إذا ذكر الإسلام وحده دخل فيه الإيمان، وإن ذكر الإيمان وحده دخل فيه الإسلام، وإن ذكرا جميعاً افترقا، فصار الأمر كما قال بعضهم: إن اجتمعا افترقا، إن افترقا اجتمعا ولهذا نظائر: كالمسكين والفقير، والبر والتقوى، فهذه الألفاظ إذا اجتمعت افترقت، وإذا افترقت اجتمعت.
اضافة رد مع اقتباس