إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة هلالي من ارض اليمن ما شاء الله عليك يا معجب شخصية مثقفة وثرية في معلوماتها .. لا حرمنا من تواجدك كالعادة هنالك ما تفضلت به اثار بعض التساؤلات لدي .. فان كانت لديك اجابة فشكرا لك .. واذا لم تكن فشكرا لك ايضا والعذر معك ،،، لماذا اصطدمت الولايات المتحدة في تلك الحادثة مع حلفائها التقليديين ؟ هل كانت قراءة منها لقطع الطريق امام التوسع السوفيتي في بلاد العرب .. أم كان محاولة منها ان تستقطب حلفاء جدد في المنطقة العربية على حساب النفوذ البريطاني والفرنسي في ذلك الوقت .. أم ان هنالك أمر آخر ؟ حقيقة يا غالي .. ما تفضلت به اعلاه دائما ما يشغل تفكيري احداث الكويت 90 م وتوابعها حتى احتلال العراق 2003 م .. وبغض النظر عن كل القراءات التي تناولت المؤامرة التي استهدفت العراق من بعد تصريحات صدام حسين رحمه الله بحرق ثلثي الكيان الصهيوني .. الا اننا لا نستطيع ان نتجاهل من وجهة نظري ان صدام حسين رحمه الله كان سبب رئيسي لهذه الكارثة التي حلت بالمنطقة عندما قام باحتلال ارض عربية ( الكويت ) وترويع شعب عربي مسلم .. يفترض ان نضع له اعتبارات عديدة وعدة حتى لو وجد خلاف بين القيادتين في العراق والكويت ! .. في الختام نكبت الولايات المتحدة الجميع .. نتيجة قراراتنا الارتجالية والحماسية التي صنعناها بايدينا وليس بيد الآخرين ،،، تخيل ان يحدث خلاف سياسي بين اليمن والعراق .. هل يبرر ذلك لليمن ان تمارس العدوان على اهلنا العراقيين المقيمين باليمن ! .. بحجة ان هنالك خلاف مع دولتهم ! في ليبيا .. هنالك طاغية حقيقي .. مجرم بصفة رئيس دولة ! قامت ثورة .. وكانت لا بد ان تقوم .. فالسنن الربانية والتاريخ يحدثنا .. ان لا ظلم يسود الى قيام الساعة .. ولا بد يوم للطغاة ان يهلكهم الله في الدنيا والآخرة ،،، لم تنجح ثورة اليبيين .. لفارق القدرات والامكانيات بين النظام الليبي والشعب الليبي .. فكان هنالك خياران : 1 - اما ان يقبل الليبيين بواقعهم ويعترفون بانتصار النظام عليهم مقابل عدم التدخل الاجنبي في بلادهم .. وسوف تكون النتيجة الحتمية هي ابادتهم عن بكرة ابيهم . 2 - او قبول التدخل الاجنبي .. وهم يعلمون انه سوف يكون احتلال بطريقة او بأخرى .. مقابل حماية ارواحهم وارواح نسائهم واطفالهم . مجرم مثل القذافي .. حتى الان لا زلت اجد في نفسي حرج ان اقول رحمه الله ( واستغفر الله ان كنت مخطئ ) .. كان وبال بيديه على نفسه وشعبه ووطنه . في سوريا .. لا يختلف الوضع كثيرا عن مثيله في ليبيا سوريا حينما تقف على اسوار حدودها فانك تشتم رائحة الظلم والعدوان وفساد النظام رئيس يضع اصنامه في كل ركن .. وقد حطم الاسلام الاصنام منذ اكثر من 1400 عام ! .. ومع ذلك فليضع اصنامه حتى في غرف النوم اذا ما اراد .. ولكن يبقى ايضا طاغية دموي مجرم ،،، عامين من القتل الجماعي ! دعنا نفترض انه على حق مطلق ! .. وان الشعب السوري على باطل مطلق ! .. فهل يبرر ذلك كل هذا الدم والدمار الذي لحق بسوريا ! الذي يحب وطنه .. هل يقبل ان ينزف حتى الموت ! الى اين ستذهب سوريا .. لن يكون حالها بافضل من حال العراق وليبيا بعد الاحتلال ! وكل ذلك لأننا من صنعنا ذلك بايدينا وليس بيد الآخرين ،،، احتقرنا دماؤنا وكرامتنا كانسان .. فاحتقرنا العالم وجعلنا دمية يقيمونها او يمزقونها كما يشاؤون ووقتما يشاؤون ! لا حول ولا قوة الا بالله شكرا لك يا غالي وفقك الله ،،،

فيما يخص تساؤلك عن سبب الموقف الأمريكي الذي اعتبره البعض غريباً في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م فله سببين من وجهة نظري المتواضعة:
أولاً: منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945م تأثرت كثيراً بريطانيا وفرنسا بهذه الحرب وفقدتا كثيراً من نفوذهما القوي خارج القارة الأوروبية لهذا حاولت أمريكا من خلال موقفها هذا استقطاب الدول العربية الى جانبها على حساب النفوذ البريطاني الفرنسي المشترك المنهار الذي هيمن على المنطقة العربية منذ نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918م
ثانياً: كما تفضلت يا أخ طارق فان الاتحاد السوفيتي حاول النفوذ الى المنطقة العربية بواسطة الأحزاب الشيوعية واستغلال ضعف الهيمنة البريطانية الفرنسية على المنطقة من أجل استقطاب الدول العربية الى المعسكر الشرقي في مواجهة المعسكر الغربي الذي تقوده أمريكا
وكانت أمريكا تخشى لو وقفت مع العدوان الثلاثي على مصر أن تسقط مصر فريسة بيد الاتحاد السوفيتي لهذا رفضت العدوان واستغلت تخوف الرئيس جمال عبد الناصر من الاتحاد السوفيتي الذي لم يكن ينظر بود في البداية الى النظام الناصري بسبب قمعه للشيوعيين في مصر واعدامهم او زجهم بالمعتقلات
لهذا نجد أن النظام الناصري في مصر وقف محايداً بين أمريكا والاتحاد السوفيتي بينما قطع علاقته ببريطانيا وفرنسا وهذا يعد نجاحاً استراتيجياً كبيراً لأمريكا
وكان النجاح الثاني لأمريكا حينما استغلت رفض الاتحاد السوفيتي للوحدة بين مصر وسوريا عام 1958م وأعلنت تأييدها الكبير لهذه الوحدة وبعثت برقية تهنئة للرئيس جمال عبد الناصر بهذه المناسبة وبررت موقفها هذا بأنها كانت تخشى من سقوط سوريا بيد الشيوعيين الذي كانوا أقوى الأحزاب السياسية السورية في الشارع
طبعاً توترت العلاقة بين أمريكا ومصر بسبب قضية السد العالي فيما بعد ثم لاحقاً بسبب حرب عام 1967م
أما ما يخص تعقيبك على ما جرى في العراق وليبيا وسوريا فأنا أتفق معك فيما ذكرت بشكل كبير
ولكني كنت أقصد أن أمريكا والغرب ليسوا جمعية خيرية يتدخلون من أجل نصرة العرب
ولكن الصحيح أنهم يتدخلون من أجل الهيمنة على الدول التي تدخلوا بها
وهذا ليس دفاعاً عن أخطاء الأنظمة العربية في هذه البلدان وانما للتحذير من خطر التدخل الأمريكي أو الغربي على هذه الدول وعلى تطلعات سكانها المشروعة في الحرية والديمقراطية والتخلص من الحكم الديكتاتوري الاستبدادي
وختاماً تقبل تحياتي وودي وشكراً.