نهاية شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم ( 9) الجزء التاسع من قصص نهاية شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم 17 صلاحُ الدينِ لأرناط: ها أنا ذا أنتصرُ لنبينامنك ومن صور انتصار الله لنبيه صلى الله عليه وسلم على يد أتباعه، انتقامالسلطان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله من الأمير الصليبي "أرناط"، وكان أرناط منأشد الصليبيين عداوة وغدراً وحقداً على الإسلام والمسلمين، قضى حياته كلها فيمحاربة المسلمين تديناً منه، ووقع في الأسر عدة مرات، ويفتدى نفسه ليخرج لمحاربةالمسلمين مرة أخرى، وكان أميراً على حصن الكرك وكان دائم الإغارة على قوافلالمسلمين، وذات مرة هاجم أرناط قافلة حجاج فقتلهم وسرق متاعهم وأثناء اقترافه هذهالجريمة الشنيعة أخذ في سب النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول للمسلمين "أين محمدلينقذكم؟". وقد فكر هذا الخنزير الأحمق في الهجوم على مكة والمدينة النبويةوأعد أسطولاً لذلك وقام بغارات مجرمة على قوافل الحجيج، فأقسم "صلاح الدين" على أنيقتل هذا الكلب بيده إذا ظفر به، وجاء يوم الوفاء يوم "حطين" هجرية، يقول ابن خلكانفي وفيان الأعيان: " .. وأما أرناط فإن السلطان كان قد نذر أنه إن ظفر به قتله،وذلك لأنه كان قد عبر عند قوم من الديار المصرية في حال الصلح فغدر بهم وقتلهم،فناشدوه الصلح الذي بينه وبين المسلمين، فقال ما يتضمن الاستخفاف بالنبي صلى اللهعليه وسلم، وبلغ السلطان فحملته حميته ودينه على أن يهدر دمه. ولما فتح اللهتعالى عليه بنصره جلس في دهليز الخيمة لأنها لم تكن نصبت بعد، وعرضت عليه الأسارى،وسار الناس يتقربون إليه بمن في أيديهم منهم، وهو فرح بما فتح الله تعالى على يدهللمسلمين، ونصبت له الخيمة فجلس فيها شاكراً لله تعالى على ما أنعم به عليه،واستحضر الملك جفري وأخاه أرناط، وناول السلطان جفري شربة باردة فشرب منها، وكانعلى أشد حال من العطش، ثم ناولها أخاه أرناط؛ وقال السلطان للترجمان: قل للملك أنتالذي سقيته، وإلا أنا فما سقيته. وكان من جميل عادة العرب وكريم أخلاقهم أن الأسيرإذا أكل أو شرب من مال من أسره أمن، ثم أمر بمسيرهم إلى موضع عينه لهم، فمضوا بهمإليه فأكلوا شيئاً، ثم عادوا بهم، ولم يبق عنده سوى بعض الخدم فاستحضرهم، وأقعدالملك في دهليز الخيمة، واستحضر أرناط وأوقفه بين يديه وقال له: ها أنا أنتصر لمحمدمنك، ثم عرض عليه الإسلام فلم يفعل، فسل السيف فضربه وتمم قتله من حضر، وأخرجت جثتهورميت على باب الخيمة. فلما رآه الملك على تلك الحال لم يشك في أنه يلحقه به،فاستحضره وطيب قلبه وقال له: لم تجر عادة الملوك أن يقتلوا الملوك. وأما هذا فإنهتجاوز الحد وتجرأ على الأنبياء صلوات الله عليهم، وبات الناس في تلك الليلة على أتمسرور، ترتفع أصواتهم بحمد الله وشكره وتهليله وتكبيره، حتى طلعالفجر"[3]. 18 خطيبٌ يسبُّ الرسول صلى الله عليه وسلم ومنالقصص ذات العبر في عاقبة المستهزئين والمتطاولين على رسول الله صلى الله عليه وسلمما ذكره الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في كتابه "كلمة الحق" عن والده محمد شاكر، وكيلالأزهر في مصر سابقاً، أن خطيباً مفوهًا فصيحًا كان يتوافد إليه الناس لسماع خطبه،حضر إليه ذات يوم في خطبته أحد أمراء مصر، فأراد هذا الخطيب مدح هذا الأمير والثناءعليه، وكان هذا الأمير قد أكرم طه حسين الذي كان يطعن في القرآن وفي العربية، فلماحضر طه حسين والأمير في الخطبة، قام هذا الخطيب المفوه يمدح ذلك الأمير قائلاله: جاءه الأعمى فمــا عبس في وجه وما تولى. وهو يقصد من كلامه هذاالإساءة النبي عليه الصلاة والسلام، لأن الله قال عن قصته عليه الصلاة والسلام معابن أم مكتوم " عبس وتولى أن جاءه الأعمى " فلما صلى الخطيب بالناس قام الشيخ محمدشاكر والد الشيخ أحمد شاكر رحمهما الله ، وقال للناس : أعيدوا صلاتكم فإن إمامكم قدكفر، لأنه تكلم بكلمة الكفر. يعلق الشيخ أحمد شاكر قائلاً: ولم يدع اللهلهذا المجرم جرمه في الدنيا قبل أن يجزيه جزاءه في الأخرى، فأقسمُ بالله لقد رأيتهبعيني رأسي بعد بضع سنين،وبعد أن كان عالياً منتفخاً، مستعزًا بمن لاذ بهم منالعظماء والكبراء رأيتهمهيناً ذليلاً، خادماً على باب مسجد من مساجد القاهرة، يتلقىنعال المصلين يحفظهافي ذلة وصغار، حتى لقد خجلت أن يراني، وأنا أعرفه وهو يعرفني،لا شفقة عليه؛ فماكان موضعاً للشفقة، ولا شماتة فيه؛ فالرجل النبيل يسمو علىالشماتة، ولكن لما رأيتمن عبرة وعظة[4]. هكذا كانت النهاية الذليلة لمن أرادعز الدنيا على حساب دينه.. فأضاع دنياه ليعيش ذل المعصية وشؤمعقابها.. |