الموضوع: الرحمن يناديك
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 10/11/2011, 02:38 PM
حبيلي توفيق حبيلي توفيق غير متواجد حالياً
زعيــم متواصــل
تاريخ التسجيل: 17/10/2011
المكان: الجزائر
مشاركات: 54
الرحمن يناديك

بأسمك يا رحمن نبدأ ، ومن حولنا وقوتنا نتبرّأ ، ونصلي ونسلم على من ابرزته من انوارك القدسية ، واكملته بأسرار آياتك وخطاباتك الانسية ، وعلى اله واصحابه كملة الرجال الّذين ما تركوا في قلوبهم لغير محبوبهم مجال .

انظر اخي لدنياك بعين الاعتبار ، لتتيقن انها ليست بدار ، فالى متى تتحمل الاوزار وهي ثقال ، الى متى تتعلّل بالتسويف والآمال ، الى متى تتبع الشهوات والاضلال ، تيقظ من نومتك ، وانتبه من غفلتك ، وقف بباب من انت عبدا له ، فمن لزم قرع الباب يوشك ان يفتح له .

الرحمن يدعوك فتتأخر ، ويأمرك بالانابة فتتكدر ، ويستحضرك لمراقبته فتتوارى ، فالى متى ضياعك مع الحيارى ، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ، ويّحك بادر بالتوبة ، واسرع الى مولاك بالاوبة ، واركب بحر الندامة ، واقلع بريح الملامة ، وتأهب لحب من يدعوك للقرب ، فأقبالك عليه علامة للوصول اليه .

لا تغتّر بأحسانه ، مع ادمانك على عصيانه ، فبهذا الاحسان الهاك عنه ، ولم تأخذ نصيبك منه ، به اغفلك عن طاعته ، وانامك عن لذة مناجاته ، واحرمك في الاسحار لذة عتابه ، وطيب منادمته وخطابه ، فحقيقة هذا الاحسان بعد ، وان اطمئننت له فطرد .

اذا اتسع لك مجال الامهال مع العصيان ، فلا يأخذك الغرور ، فانه لو ارادك لما اقامك في هذا الامر المحذور ، وان استحوذت عليك النفس ، فجعلت القضية بالعكس ، فأنت غارق في بحر التيه ، انقذك الله مما انت فيه ، اما آن لك ان ترجع لباب مولاك ، لابسا جلباب الورع رافضا لدنياك ، وقد احسن اليك واعطاك ، والى الدين الخالص قربك وهداك ، وفي كل طرفة عين برّه يغشاك ، تؤثر ما يفنى على ما يبقى ، فو الله ما هذا الا قنوط او اتهام او اشراك ، ومع هذا ان عدت اليه بادرك بالقبول ، والبسك حلل المطالب والمأمول ، قلبك عن المحبوب غاب ، وبالرءفة ينادي هل من تائب هل من آيب ، وانت مشغول بالهوى ، مفتون بالمنى ، وواقف مع من توقن ان عقباه الفنى ، وتطلب من الله المواهب ، وحفظك من الوقوع في المصائب ، هذا امر من العجائب ، واملك فيه خائب ، فانهض لهمتك عن هذا الانحطاط ، وتدارك ما وقع منك في التفريط والافراط ، والزم التفسير ليهون لك العسير .

جولانك مع الغافلين حيرك ، وركونك للاغيار غيرك ، ووقوفك بين رتبتي الاعتقاد والانتقاد الى الانقطاع اداك ، ونذير الرحيل المشاهد لعينك بالتحقيق وافاك ، فما هذه القصوة ، ندم من سبقك على التفريط ، والله من ورائهم محيط ،

حفظ العهود فيه الورود ، لأقرب مقام محمود ، اقبل ولا تكن شرودا او مردودا ، فالهارب مطرود ، والمردود امره بالقطيعة مشهود ، الى متى هذا التمادي يا فقير ، وانت في البطالة والتقصير ، وتزعم انك بالامداد جدير ، وبنقائصك الناقد بصير ، ضيعت اوقاتك والعمر انقضى ، فعجل بالاقبال واندم على ما مضى ، فباب العفو واسع ، والانوار فيه سواطع .

اتطلب الدنيا والدنيا فيك ، وتتخلف والرحمن يناديك ، فوا عجبا لمن يطلب ليعطى الملك فيأباه ، ويتشبث في جمع الاخس ويتمناه ، الى متى انت في الذنوب غريق ، والى متى هذا الجفاء والتعويق ، خذ لك في الطريق رفيق ، قبل ان تنقطع الطريق ، ولا تطفىء بهواك انوار التوفيق .

اتريد ان تذهب هبوب نسمات الوصول وانت سكران لا تفيق ، حملت نفسك والله ما لا تطيق ، اتغتر بالمال والولد والاهل ام باقبال الدنيا عليك ، وهي آمرة بالقتل فاخرج من ظلمات العمي ، الى فضاء نور الهدى ، وتزود فقد سارت الضغون ، ولا بد من ورود كأس المنون ، وتنبه فكم لعب بمثلك الهوى ، ولم يفق الا وقد حان النوى ، وتضرع بالصبر وجاهد النفس ، تسقك العنايات الى مجالس الانس . ان الله منحك وقتا لتناجيه ، وخلاك زمنا لترجع اليه فتصافيه ، افلا تفق من سكرتك ، افلا تصحو من غمرتك ، ادن منه ولو منعت ، والزم حماه ولو طردت ، فهو المتجلي عليك بالرحمة ولو اسأت ، فارحل بهمتك اليه ، واشكو له الم الفراق فانه يجيبك برءفة التلاق ،

جد في المسير تصبح لك الاسرار عائدة ، وافنى في الحب تكن لك الحياة خالده ، فالعمر يذهب والاوقات تنهب ، والامر باعمالك السوء واضح ، كأنك اعمى واصم عن النصائح ، فيا لهذا العار من عار ، استعبدتك الدنيا واهل الاخلاص احرار ، فما رجع من رجع الا بمراقبة الاغيار ، وما وصل من وصل الا برفض الآثار ، فالى متى انت في قطيعة ، بخيالات كسراب بقيعة .

ان لم تكن رحماني فأنت شيطاني ، وان لم تكن نوراني فأنت ظلماني ، عجبا لمن يفضل الظلمة على النور ، ويدع التحقيق اتباع للغرور ، فقم في محراب الاذكار ، وتهيأ لقبول الواردات الابكار ، فللرحمن جنات تدني البعيد ، وهو اقرب الينا من حبل الوريد ، فتنبه وبالكرام تشبه ، يبد لك حظا لا يحول ، وملك لا يتزلزل ولا يزول ، عليك ان تعلم اخي ان شراب الوصول صفا وراق ، وطفق في سائر الآفاق ، فكن بالحلم متخلقا ، وبالرحمن متعلقا ، واجعل الزهد شعارك ، والورع وقارك ، والذكر انيسك ، والفكر جليسك ، تظهر لك خفايا الاسرار ، ويكشف لك عن الاخرة وانت في هذه الدار . وفي هذا القدر كفاية .
اضافة رد مع اقتباس