مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #24  
قديم 01/04/2010, 11:26 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ عطـــارد
عطـــارد عطـــارد غير متواجد حالياً
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 07/02/2009
المكان: في الـ ماضي ..
مشاركات: 441

الـ جزء الـ سادس ..



وحكى حمدان كيف اندفع فاضل يخرج(ميدا) من القصر، ويتجه نحو عربته التي جهزها له خدمه.. ويبدو أن والدها المسنّ قد رآها تدخل العربة و فاضل يجرها وهي تبكي فاندفع نحوها فيما تحركت العربة.
ورغم ضعف الشيخ، فلقد هزَّه منظر ابنته الباكية فهرع بكل طاقته وربما بطاقة الفجيعة التي تملكته خلف العربة حتى تعلّق بأحد نتوءاتها وظلّت تمشي بسرعة كبيرة، ولم يستطع أن يتمالك نفسه فسقط وقد تعلقت يداه بالنتوء، وجسمه ينجرُّ بقسوة على الطريق.. و أكمل يحكي على لسان جده:
"قلت لـ ميدا وأنا أرى دموعها تنهمر:
- كدنا نصل، إن لم تتمالكي نفسك سأقتلك، أفهمت؟
- اقتلني أرجوك.. لا أريد أن أحيا بعد أبي.
- هه.. وصلنا.. أوقف العربة هيا أيها الحوذي.
- حاضر يا مولاي.
ثم طلبت من الحوذي أيضاً أن يساعدني في السيطرة على الصبية المتمردة.. كان الناس قد تجمعوا حول العربة يراقبون جسد الشيخ المشوّه وأنا أصرخ دون أن أنتبه في وجه ميدا:
- لن ينفعكِ بكاؤك.. إن لم تدخلي القصر مبتسمة سأذيقك الويل.
نبهني الحوذي: - انظر يا مولاي، يبدو أنه تعلّق بالعربة وجرّته لمسافة طويلة.
صرخت الفتاة مفجوعة تتأمل الجثة المشوهة: - أبي.. أبي.
- إنه والدك إذن.. أبعدوها عنه.
ولكنها بدت كأنها التصقت به.. أصبحت مضرجة بدمائه.. قال الحوذي مصعوقاً:
- مولاي .
- ماذا أيها المخبول؟
- إنها لا تتحرك.. لقد ماتت.
- ماذا؟ فعلاً.. لقد ماتت كيف حدث ذلك؟
أثّر بي هذا الحادث كثيراً.. وبدأت أفكر بالأسباب التي جعلت تلك الصبيّة الفاتنة تتأثر إلى الحدّ الذي جعلها تموت وهي ترى والدها في منظر مخيف شوهته الحجارة التي جرته العربة فوقها طوال الطريق.. بدأ شيء ما في صدري ينزف، ويدفعني للتفكير فيما حولي.. وفي تلك الليلة أرسل الأمير رسوله إلي، يطالبني بالجارية.. فاعتذرت له بأنها ماتت.. ولكني لم أستطع الابتعاد عن مواجهته في اليوم التالي.. في وسط جو صاخب ضاحك.. الجميع فيه يعاقر الخمرة.
- لماذا أنتَ مهموم يا فاضل؟ حزين على الجارية؟
قال أحد الموجودين ضاحكاً:
- بل هو حزين على المكافأة التي تسربت منه..
- إن كنت حزيناً على المكافأة، سأَجزيكَ مكافأةً كبيرة، وإن كنت حزيناً على الجارية سأهديكَ أجمل منها بكثير.
- إنه شارد يا مولاي.. ربما يتذكر لياليه معها.
- كانت جميلة القدّ دافئة إذن؟ هه؟
قلت حزيناً: -أنا آسف يا مولاي أشعر بتوعك منذ البارحة،
- حزين عليها؟
- إنه الطعام يا مولاي.. أكلت منه أكثر مما ينبغي... (كنت أبدو كالمريض فعلاً) قال الأمير:
- لا بأس.. سأعرضُك على طبيبِ القصر.
أمر أحدهم: - اصطحبهُ إلى طبيبنا المعروف، اذهب معه يا فاضل.. وأرجو أن تتحسّن صحتك على يديه .
- شكراً لك يا مولاي.
- لا تُطِل غيابَك عنّا يا فاضل، لماذا عمَّ الصمتُ مجلسكم أيها الأصحاب هه؟ لتحضرِ الراقصات والشراب.. ولتتمتّعوا..
فكرتُ مصعوقاً: ((ما أكثر الضحايا الذين ينتهون في هذا المكان دون شفقة؟)).

:
يـتـبع ..
:



اضافة رد مع اقتباس