في بلد يعشق أهله الكرة، ويرقصون السامبا طرباً على أنغام ريفالدو وروماريو، فإن بروز لاعب تنس واحتلاله المركز الأول عالمياً، يعتبر من الأمور نادرة الحدوث، لكن جوستافو كويرتين الشاب البرازيلي ذا الأربعة وعشرين عاماً لم يكتف بالإنجاز العالمي فحسب بل فرض نفسه حتى على المستوى المحلي، وأصيبت البرازيل في السنوات القليلة الماضية بما يمكن أن يطلق عليه حمى غوغا وهو اللقب الذي يحلو لجماهيره ومعجبيه أن يطلقوه عليه·
ويعتبر كويرتين الفائز ببطولة رولان جاروس للمرة الثالثة هذا العام أول لاعب تنس من أميركا اللاتينية ينهي العام متربعاً على عرش التنس العالمي، وأصبح بطلاً قومياً يشار إليه بالبنان، واكتسب شعبية واسعة لم تشهدها البرازيل منذ أيام العصر الذهبي لأسطورة وجوهرة الكرة السوداء بيليه·
كما أشعل كويرتين موجة حمى تنس غير مسبوقة اجتاحت البلاد كالنار في الهشيم من غابات الأمازون إلى شواطىء ديو وكوبا كوبانا، منذ فوزه لأول مرة ببطولة فرنسا المفتوحة في عام ،1997 حيث ارتفعت عضوية أندية التنس البرازيلية بنسبة 50 في المائة، كما ازدادت المشاركة في منافسات التنس البرازيلية بنسبة 30 في المائة، وبدأ العديد من المناطق والمدن في إنشاء المزيد من ميادين التنس لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الراغبين في ممارسة اللعبة، خاصة في أوساط الناشئين والصغار الطامحين إلى تحقيق نفس إنجاز كويرتين والوصول إلى العالمية·
ويجيء هذا الاهتمام الجماهيري بالتنس في وقت تشهد فيه الساحة الكروية البرازيلية عدة إحباطات سواء على مستوى المنتخب الوطني ونتائجه المتواضعة منذ خسارته لنهائيات كأس العالم أمام فرنسا ،1998 وأيضاً تصفيات أميركا الجنوبية المؤهلة لكأس العالم 2002 في كوريا واليابان، أو على مستوى المؤسسة الرياضية نفسها التي ابتليت بالعديد من الفضائح المدوية·
وكانت الجماهير البرازيلية المتعطشة للانتقادات والمحبطة في حاجة ماسة لانتصار يخرجها من حالتها الراهنة فوجدت ضالتها في كويرتين وانتصاراته المدوية في عالم التنس واحتلاله المركز الأول في تصنيف اللاعبين المحترفين عالمياً·
وتنبع شعبية كويرتين ليس فقط من نجاحاته وإنجازاته، بل من تواضعه وبساطته، وأيضاً من قصة حياته المؤثرة، حيث توفي والده ألدو جراء إصابته بنوبة قلبية مفاجئة عندما كان يتولى مهمة التحكيم في إحدى مباريات التنس عام ·1985
وقد تأثر غوغا الذي ينحدر من منطقة فلوريانو بوليس الساحلية الجنوبية، والمعروف بعشقه لرياضة التزلج على الأمواج، كثيراً لوفاة والده، ولذلك فإنه يهدي معظم انتصاراته وإنجازاته لذكرى والده الراحل، وأيضاً لشقيقه الأصغر جيلهيرمي الذي يعاني من شلل في الدماغ·
وحينما فاز كويرتين ببطولة فرنسا المفتوحة للتنس قبل شهرين قام برسم قلب في أرضية الملعب تكريماً لذكرى والده·
وعقب فوزه ببطولة رولان جاروس للمرة الثالثة، والثانية على التوالي هذا العام ارتفعت مبيعات شركة هيد المنتجة لمضربه، وأيضاً شركة ديو دورا التي تنتج قميص الـ تي شيرت الذي يحمل اسمه· كما اختير كويرتين مرتين أفضل رياضي برازيلي للعام، وأيضاً شخصية القرن العشرين في مسقط رأسه مقاطعة سانتا كاترينا·
ويعتبر كويرتين امتداداً لجيل ماريا بونيو المعروفة بلقب القنبلة البرازيلية التي فازت بسلسلة من بطولات الجائزة الكبرى الجراند سلام في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات· إلا أن البرازيل لم تشهد أي إنجازات حتى جاء كويرتين ليعيدها مجدداً إلى منصات التتويج في عالم التنس بعد أن اهتز عرشها الكروي·