الصبر على البلاء بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اقيمت محاضره اليوم بعد صلاة العشاء في احدى مساجد المدينه المنورهوكان مضمون المحاضره ( الصبر على البلاء )
انا بحث في قوقل عن ما يشابه تلك المحاضره
,,,
. طبيعة الحياة الدنيا
اقتضت حكمة الله أن تكون حياة البشر على ظهر هذه الأرض
مزيجًا من السعادة والشقاء ، والفرح والترح ، واللذائذ والآلام ،
فيستحيل أن ترى فيها لذة غير مشوبة بألم ، أو صحة لا
يكدرها سقم ، أو سرور لا ينغصه حزن ، أو راحة لا يخالطها
تعب ، أو اجتماع لا يعقبه فراق ، كل هذا ينافي طبيعة الحياة
الدنيا ، ودور الإنسان فيها ، والذي بيَّنه ربنا جل وعلا بقوله :
{إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه
فجعلناه سميعا بصيرا }(الإنسان 2) . ضرورة الصبر
ولهذا فإن خير ما تواجه به تقلبات الحياة ومصائب الدنيا ،
الصبر على الشدائد والمصائب ، الصبر الذي يمتنع معه العبد
من فعل ما لا يحسن وما لا يليق ، وحقيقته حبس النفس عن
الجزع ، واللسان عن التشكي ، والجوارح عن لطم الخدود
ونحوها ، وهو من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، وقد ذُكر
في القرآن في نحو تسعين موضعاً - كما قال الإمام أحمد - وما
ذاك إلا لضرورته وحاجة العبد إليه . أنواع الصبر
والصبر أنواع ثلاثة صبر على الأوامر والطاعات حتى يؤديها ،
وصبر عن المناهي والمخالفات حتى لا يقع فيها ، و صبر على
الأقضية والأقدار حتى لا يتسخطها ، وهذه الأحاديث القدسية في
النوع الثالث من أنواع الصبر وهو الصبر على أقدار الله
المؤلمة . عند الصدمة الأولى
والصبر النافع الذي يترتب عليه الثواب والأجر ويؤتي ثماره
وآثاره في نفس العبد - كما جاء مصرحاً به في الأحاديث - هو
ما كان في أول وقوع البلاء ، بأن يفوض المؤمن أمره ويسلمه
إلى أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين ، ويستسلم لأمره وقضائه ،
فإن للمصيبة روعة تهز القلب ، وتذهب باللُّب ، فإذا صبر العبد
عند الصدمة الأولى انكسرت حِدَّتها ، وضعفت قوتها ، وهان
عليه بعد ذلك استدامة الصبر واستمراره ، وقد مر النبي - صلى
الله عليه وسلم - بامرأة تبكي عند قبر ، فقال لها : ( اتقي الله
واصبري ، قالت : إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي ، ولم
تعرفه ، فقيل لها : إنه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأتت
باب النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم تجد عنده بوابين ،
فقالت : لم أعرفك ، فقال : إنما الصبر عند الصدمة الأولى )
رواه البخاري ، قال بعض الحكماء : " العاقل يصنع في أول يوم
من أيام المصيبة ما يفعله الجاهل بعد أيام " .
وأما إذا تضجر وتبرم في أول الأمر ، ثم لما يئس صبر لأنه لم
يجد خياراً غيره ، فإنه يكون بذلك قد حرم نفسه من أجر الصبر
وثوابه ، وأتى بما يشترك فيه جميع الناس ، فلا فائدة من
الصبر حينئذ . صبر واحتساب
ولو تأملنا في الأحاديث السابقة لوجدنا التركيز على قضية
مهمة وهي قضية الاحتساب في الصبر ، وذلك لأن يقين الإنسان
بحسن الجزاء ، وعظم الأجر عند الله ، يخفف مرارة المصيبة
على النفس ، ويهون وقعها على القلب ، وكلما قوي اليقين
ضعف الإحساس بألم المصيبة ، حتى تتحول لدى النفس من
المكاره إلى المحابِّ ، وقد جاء عن عمر رضي الله عنه قوله :
" ما أصبت ببلاء إلا كان لله عليَّ فيه أربع نعم : أنه لم يكن في
ديني ، وأنه لم يكن أكبر منه ، وأني لم أحرم الرضا به ، وأني
أرجو الثواب عليه " ، فجعل انتظار الثواب على البلاء من
أسباب تخفيفه ، ونقله من دائرة المصائب التي توجب الصبر
إلى دائرة النعم التي تستحق الشكر ، وكان نبينا - صلى الله
عليه وسلم - يسأل الله اليقين الذي تهون معه المصائب ، فقلما
كان يقوم من مجلس إلا ويدعو بهؤلاء الدعوات : ( اللهم اقسم
لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك ، ومن طاعتك
ما تبلغنا به جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب
الدنيا ) رواه الترمذي .
وإذا كانت مقادير الله نافذة على العبد رضي أم سخط ، صبر أم
جزع ، فإن العاقل ينبغي أن يصبر ويحتسب ويرضى بقضاء الله
حتى لا يحرم الأجر والمثوبة ، وإلا جرى عليه المقدور وهو
كاره ، قال علي رضي الله عنه : " إنك إن صبرت إيماناً
واحتساباً ، وإلا سلوت سلو البهائم " ، وعزَّى رجلاً في ابن له
مات ، فقال : " يا أبا فلان إنك إن صبرت نفذت فيك المقادير
، ولك الأجر ، وإن جزعت نفذت فيك المقادير ، وعليك الوزر " .
وقد بينت هذه الأحاديث عظيم الجزاء للصابرين المحتسبين ،
وأن الصبر من أعظم أسباب الفوز بجنة الله ورضوانه منقول |