مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #6  
قديم 02/03/2004, 10:26 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
srabالهلال srabالهلال غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم ومقتضياتها:

1 ـ قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ} [آل عمران:31].

قال جعفر بن محمد: أي ليس الطريق إلى محبة الله إلا اتباع حبيبه، ولا يتوصل إلى الحبيب بشيء أحسن من متابعة حبيبه، ذلك رضاه[1].

قال ابن تيمية: "جعل محبتهم لله موجبة لمتابعة رسوله، وجعل متابعة رسوله صلى الله عليه وسلم موجبة لمحبة الله لهم"[2].

وقال: "فاتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشريعته باطنًا وظاهرًا هي موجب محبة الله، كما أن الجهاد في سبيله وموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه هو حقيقتها... وكثير ممن يدعي المحبة هو أبعد الناس من غيره عن اتباع السنة، وعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله"[3].

وقال القاضي عياض: "فمن اتصف بهذه الصفة ـ يعني: الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ـ فهو كامل المحبة لله ورسوله، ومن خالفها في بعض هذه الأمور فهو ناقص المحبة ولا يخرج عن اسمها، ودليله قوله صلى الله عليه وسلم للذي حدَّه في الخمر فلعنه بعضهم وقال: ما أكثر ما يؤتى به!! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله))"[4].

2 ـ وقال الله تعالى: {لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُواْ ءابَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوٰنَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَـئِكَ كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ ٱلإيمَـٰنَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا رَضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ أُوْلَـئِكَ حِزْبُ ٱللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ} [المجادلة:22].

قال ابن تيمية: "ما من مؤمن إلا وهو يجد في قلبه للرسول من المحبة ما لا يجد لغيره، حتى إنه إذا سمع محبوبًا له من أقاربه وأصدقائه يسب الرسول هان عليه عداوته ومهاجرته بل وقتله لحب الرسول، وإن لم يفعل ذلك لم يكن مؤمنًا"[5].

وقال القاضي عياض: "وهؤلاء أصحابه صلى الله عليه وسلم قد قتلوا أحِباءهم وقاتلوا آباءهم وأبناءهم في مرضاته صلى الله عليه وسلم، وقال له عبد الله بن عبد الله بن أُبي: لو شئت لأتيتك برأسه، يعني أباه"[6].

وقال ابن القيم: "فمُحبّ الله ورسوله يغار لله ورسوله على قدر محبته وإجلاله، وإذا خلا قلبه من الغيرة لله ولرسوله فهو من المحبة أخلى وإن زعم أنه من المحبين، فكذب من ادّعى محبة محبوبٍ من الناس وهو يرى غيره ينتهك حُرْمَةَ محبوبه ويسعى في أذاه ومساخطه ويستهين بحقه ويستخف بأمره وهو لا يغار لذلك، بل قلبه بارد، فكيف يصح لعبد أن يَدَّعي محبة الله وهو لا يغار لمحارمه إذا انتُهكت، ولا لحقوقه إذا ضيِّعت. وأقل الأقسام أن يغار له من نفسه وهواه وشيطانه، فيغار لمحبوبه من تفريطه في حقه وارتكابه لمعصيته. وإذا ترحَّلت هذه الغيرة من القلب ترحلت منه المحبة، بل ترحل منه الدين وإن بقيت فيه آثاره، وهذه الغيرة هي أصل الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي الحاملة على ذلك، فإنه إنما يأتي بذلك غيرة منه لربه، ولذلك جعل الله سبحانه وتعالى علامة محبته ومحبوبيته الجهاد فقال الله تعالى: {يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِى ٱللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ يُجَـٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ يَخَـٰفُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذٰلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَٱللَّهُ وٰسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة:57]"[7].

3 ـ وعن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا: ((أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه، وأحبوني بحب الله، وأحبوا أهل بيتي بحبي))[8].

قال ابن تيمية: "ليس للخلق محبة أعظم ولا أكمل ولا أتم من محبة المؤمنين لربهم، وليس في الوجود ما يستحق أن يحَبَّ لذاته من كل وجه إلا الله تعالى، وكل ما يُحَبُّ سواه فمحبته تبع لحبه، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما يحَبُّ لأجل الله ويُطاع لأجل الله ويُتَّبع لأجل الله"[9].

وقال المناوي: "((أَحِبوا)) بفتح الهمزة وكسر المهملة ((اللهَ)) وجوبًا ((لما)) أي: لأجل ما ((يَغْذُوكم)) بفتح المثناة تحت وسكون المعجمة وضم المعجمة ((به)) من الغِذاء بالكسر ككساء، ما به تمام الجسم وقوامه... ((من نعمه)) أي: أحبوا الله لأجل إنعامه عليكم بصنوف النعم وضروب الآلاء الحسية... والمعنوية... ((وأحبوني لحب الله)) أي: إنما تحبوني لأنه سبحانه وتعالى أحبني، فوضع محبتي فيكم... ((وأحبوا أهل بيتي لحبي)) أي: إنما تحبونهم لأني أحببتهم بحب الله تعالى لهم، وقد يكون أمرًا بحبهم لأن محبتهم لهم تصديق لمحبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم"[10].

4 ـ وعن عبد الله بن مغفل المزني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهَ اللهَ في أصاحبي، الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضًا من بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه))[11].

قال المباركفوري: "((اللهَ اللهَ)) بالنصب فيهما، أي: اتقوا الله ثم اتقوا الله، ((في أصحابي)) أي: في حقهم، والمعنى: لا تنقصوا من حقهم ولا تسبوهم، أو التقدير: أذكِّركم الله ثم أنشدكم الله في حق أصحابي وتعظيمهم وتوقيرهم... ((لا تتخذوهم غرضًا)) أي: هدفًا، ترموهم بقبيح الكلام كما يُرمى الهدف بالسهم، ((فبحبي أحبهم)) أي: بسبب حبه إياي أحبهم، أو بسبب حبي إياهم أحبهم، ((ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم)) أي: إنما أبغضهم بسبب بغضه إياي"[12].

وقال البيهقي: "ويدخل في جملة حب النبي صلى الله عليه وسلم حب أصحابه لأن الله عز وجل أثنى عليهم ومدحهم... وإذا ظهر أن حب الصحابة من الإيمان فحبهم أن يعتقد فضائلهم، ويعترف لهم بها، ويعرف لكل ذي حق منهم حقه، ولكل ذي غِنًى في الإسلام منهم غناه، ولكل ذي منزلة عند الرسول صلى الله عليه وسلم منزلته، وينشر محاسنهم، ويدعو بالخير لهم، ويقتدي بما جاء في أبواب الدين عنهم، ولا يتبع زلاتهم وهفواتهم... ويسكت عما لا تقع ضرورة إلى الخوض فيه مما كان بينهم"[13].

5 ـ وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من سره أن يحب الله ورسوله فليقرأ في المصحف))[14].

قال المناوي: "((من سره أن يحب الله ورسوله)) أي: من سره أن يزداد من محبة الله ورسوله ((فليقرأ)) القرآن نظرًا ((في المصحف))"[15].

6 ـ وعن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، والله إني لأحبك، قال: ((انظر ماذا تقول)) قال: والله إني لأحبك، قال: ((انظر ماذا تقول))، قال: والله إني لأحبك ـ ثلاث مرات ـ فقال: ((إن كنت تحبني فأعِدَّ للفقر تِجفافًا، فإن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى منتهاه))[16].

قال المباركفوري: "قوله: ((انظر ماذا تقول)) أي: رمت أمرًا عظيمًا، وخطبًا خطيرًا، فتفكر فيه، فإنك توقع نفسك في خطر، وأي خطر أعظم من أن يستهدفها غرضًا لسهام البلايا والمصائب، فهذا تمهيد لقوله: ((فأعد للفقر تجفافًا))... ((فأعد)) أي: فهيِّئ ((للفقر)) أي: بالصبر عليه، بل بالشكر والميل إليه ((تِجْفافًا)) بكسر الفوقية وسكون الجيم أي: درعًا وجُنة.. فمعنى الحديث: إن كنت صادقًا في الدعوى ومحقًا في المعنى فهيئ آلةً تنفعك حال البلوى، فإن البلاء والولاء متلازمان في الخلا والملا، ومجمله أن تهيأ للصبر خصوصًا على الفقر لتدفع به عن دينك بقوة يقينك ما ينافيه من الجزع والفزع، وقلة القناعة وعدم الرضا بالقسمة... ((من السيل)) أي: إذا انحدر من علو ((إلى منتهاه)) أي: مستقره في سرعة وصوله، والمعنى أنه لا بد من وصول الفقر بسرعة إليه، ومن نزول البلايا والرزايا بكثرة عليه، فإن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، خصوصًا سيد الأنبياء، فيكون بلاؤه أشد بلائهم، ويكون لأتباعه نصيب على قدر ولائهم"[17].

وعن سعيد بن أبي سعيد أن أبا سعيد شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته فقال صلى الله عليه وسلم: ((اصبر يا أبا سعيد، فإن الفقر إلى من يحبني منكم أسرع من السيل من أعلى الوادي ومن أعلى الجبل إلى أسفله))[18].

وعن أنس رضي الله عنه قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إني أحبك، فقال: ((استعدَّ للفاقة))[19].

7 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مِن أشد أمتي لي حبًّا ناس يكونون بعدي يودّ أحدهم لو رآني بأهله وماله))[20].





--------------------------------------------------------------------------------

[1] أخرجه البيهقي في الشعب (2/184).

[2] التحفة العراقية (ص 85).

[3] التحفة العراقية (ص 91).

[4] الشفا (2/25).

[5] منهاج السنة (5/401).

[6] الشفا (2/27 ـ 28).

[7] روضة المحبين (ص 281 ـ 282).

[8] أخرجه الترمذي في المناقب (3789)، والطبراني في الكبير (3/46)، والبيهقي في الشعب (2/130)، وقال الترمذي: "حديث حسن غريب"، وصححه الحاكم (3/150)، ووافقه الذهبي. وفي إسناده عبد الله بن سليمان النوفلي قال الذهبي في الميزان (4/ 112 ـ 113): "فيه جهالة، ما حدث عنه سوى هشام بن يوسف"، وقال عنه الحافظ في التقريب: "مقبول"، ولذا ضعفه الشيخ الألباني. انظر: تخريج فقه السيرة (ص 23).

[9] مجموع الفتاوى (10/ 649).

[10] فيض القدير (1/177 ـ 178).

[11] أخرجه أحمد (20026، 20055)، والترمذي في المناقب (3862)، والخلال في السنة (3/514)، والبيهقي في الشعب (2/191)، وقال الترمذي: "حديث غريب"، وفي إسناده عبد الرحمن بن زياد، وقيل: عبد الله بن عبد الرحمن، قال البخاري: "فيه نظر"، وقال الذهبي في الميزان (4/135): "لا يعرف له عن عبد الله بن مغفل"، وقال ابن حجر في التقريب: "مقبول"، والحديث في ضعيف سنن الترمذي.

[12] تحفة الأحوذي (10/ 247).

[13] شعب الإيمان (2/189، 192).

[14] أخرجه ابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال (190)، وابن عدي في الكامل (2/449)، وأبو نعيم في الحلية (7/209)، والبيهقي في الشعب (2/408)، قال ابن عدي: "لم يروه عن شعبة إلا الحر، وهو قليل الحديث، وهذا عن شعبة منكر"، وقال البيهقي: "هذا روي مرفوعًا، وهو منكر، تفرد به أبو سهل الحر بن مالك عن شعبة"، وقال الذهبي في الميزان (1/471): "خبر باطل"، وقال ابن حجـر في اللسان: "الحُر مجهول الحال"، وتعقبه الألباني بأن أبا حاتم قال فيه: "صدوق لا بأس به"، وأيضًا قال فيه البزار في مسنده (9/116): "لم يكن به بأس"، وابن حجر نفسه قال عنه في التقريب: "صدوق".

[15] فيض القدير (6/150).

[16] أخرجه الترمذي في الزهد (2350)، وقال: "حديث حسن غريب"، وصححه ابن حبان (2922 ) ولفظه عنده: ((فإن البلايا أسرع إلى...))، وحسن إسناده الألباني في السلسلة الصحيحة (1586)، وله شاهد في حديث أبي ذر عند الحاكم (4/331) وصححه، ووافقه الذهبي.

[17] تحفة الأحوذي (7/14 ـ 15).

[18] أخرجه أحمد (3/42)، قال البيهقي في الشعب (2/147): "هذا مرسل"، وقال الهيثمي في المجمع (10/274): "رجاله رجال الصحيح إلا أنه شبه المرسل".

[19] أخرجه البزار، وقال الهيثمي في المجمع (10/274): "رجاله رجال الصحيح غير بكر بن سليم وهو ثقة".

[20] أخرجه مسلم في كتاب الجنة (2832).
اضافة رد مع اقتباس