مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #14  
قديم 28/02/2004, 12:45 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
srabالهلال srabالهلال غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
الحجاب .. ومعركة التغريب

بقـلم : ممدوح اسماعيل

[email protected]
الحرب ضد الحجاب قديمة بدأت فى مصر قلب العروبة والإسلام منذ أكثر من مائة عام ظهرأول صوت من أعداء الإسلام وأنصار التغريب ، ضد حجاب المرأة المسلمة ومنذ ذلك الحين لم تهدأ المعركة التى اشتعلت نيرانها فى أماكن كثيرة فى العالم الإسلامى بل وغير الإسلامى .

وكانت أول شرارة فى تلك المعركة من الجانب التغريبى فى مصر من صديق اللورد كرومر مرقص فهمى فى كتابه المرأة فى الشرق عام 1894 ولكنها "" لم تحدث أثراً كالطلقة التى أطلقها قاسم أمين فى كتابه المسمى تحرير المرأة عام 1899 وذلك بعد عودته من اتمام دراسته فى فرنسا ( ويلاحظ تلك النقطة الهامة ألا وهى المتعلقة بعودة قاسم أمين من فرنسا وتأليفه كتاب سماه تحرير المرأة ثم بعد أكثر من مائة عام فرنسا تمنع الحجاب وهى الحاضنة لكل الأفكار التى تعادى الحجاب وقد أحدث الكتاب ردود فعل شديدة وخاصة فى التيار الإسلامى والمحافظ ، خاصة بعد أن أشارت بعض الأخبار الى دور الشيخ محمد عبده فى وضع بعض فصول الكتاب ، ولكن طلقة قاسم تم الرد عليها بمائة طلقة أو مائة كتاب ترد على شبهات وأباطيل قاسم أمين كان أبرزها كتاب قولى فى المرأة للشيخ مصطفى صبرىواشتعلت نيران حرب ضد الحجاب لم تنتهى ، ومن الملفت للنظر أن انبرى من التيار المحافظ طلعت حرب مؤسس الاقتصاد المصرى للرد على قاسم أمين فى كتابين هما كتاب تربية المرأة والحجاب والآخر فصل الخطاب فى المرأة والحجاب ، شن فيهما هجوماً شديداً على قاسم أمين وانبرى الزعيم الوطنى مصطفى كامل للرد على قاسم أمين عقب صدور الكتاب مباشرة فى شهر سبتمبر 1899 فى خطبة له بالقاهرة فى أول اجتماع للحزب الوطنى جاء فيها ( فلا يليق بنا ان نكون قردة مقلدين للأجانب تقليداً أعمى بل يجب ان نحافظ على الحسن من أخلاقنا ولا نأخذ من الغرب الا فضائله ، فالحجاب فى الشرق عصمة أى عصمة فحافظوا عليه فى نسائكم وبناتكم وعلموهن التعليم الصحيح وأن أساس التربية التى بدونه تكون ضعيفة وركيكة هو تعليم الدين ) وفتح مصطفى كامل جريدة اللواء لكل الكتاب للرد على قاسم أمين .. وصل صدى الكتاب الى العراق والشام وانبرى الشعراء والكتاب للرد عليه مثل الشاعر العراقى البناء حيث قال :



وجوه الغانيات بلا نقاب

تصيد الصيد بشرك العيون

إذا برزت فتاة الخدر حسرى

تقود ذوى العقول الى الجنون



واهتم الانجليز بترجمة الكتاب وعرضه حتى وصل خبر وموضوع الكتاب مترجماً الى الهند واهتمام الانجليز بترجمة الكتاب ونشره يدل يوضوح علىأن الحرب ضد بلاد المسلمين لم تقف عند احتلال الاراضى فقط ولقد، رعى الإنجليز هذا التيار التغريبى وانضم اليهم سعد زغلول وألقت هدى شعراوى بحجابها ، اعلانا بدخولها المعركة عملياً وألف قاسم أمين كتابه الثانى المرأة الجديدة على خطى ومنوال الكتاب الأول وتصدى له أيضاً مصطفى كامل والملفت أن القصر وقف مؤيداً التيار الإسلامى والمحافظ فى تلك المعركة التى أسفرت فى ذلك الوقت عن ظهور وتفوق التيار الإسلامى والمحافظ ( ولكن أعداء الحجاب ظل لهم تواجد وإن كان ضعيفاً ) وظهر تفوق أنصار الحجاب فى موقف الملك فؤاد عندما استضاف ملك أفغانستان امان الله الذى انهزم أمام أعداء الحجاب وكانت زوجته ثريا سافرة وعندما علم الملك فؤاد بذلك ألغى الزيارة ثم وافق على شرط ان تكون اقامة الملكة غير رسمية ولا تظهر فى أى تجمع بل ولا تظهر سافرة أبداً حتى تغادر مصر ، ووافق على ذلك الملك أمان الله "يلاحظ أن ه يعد ثحرير أفغنستان من الاحتلال السوفيتى كان الحجاب الافغانى من أهم معالم أفغنستان التى عمل الاحتلال الامريكى بعد 1لك على طمسها بكل السبل >دولكن كان لتواجد سعد زغلول السياسى أثره فى تقوية التيار التغريبى فى الحياة المصرية خاصة فى قضية الحجاب حتى انه بدأ بزوجته صفية كى تكون قدوة للآخريات ولقد ساعد التيار التغريبى فى حرية ضد الحجاب عدة عوامل أهمها :-

1- سقوط الخلافة الاسلامية وقيام دولة علمانية فرضت خلع الحجاب بالقوة عام 1925 ولم يكن من قبيل المصادفة ايضاً انه فى عام 1026 عندما نصب الإنجليز شاه ايران رضا بهلوى على حكم ايران ان الغى الحجاب الشرعى وبدأ برزوجته فخلع حجابها وصادف ذلك التوقيت السيطرة العسكرية الاستعمارية للغرب على البلاد العربية والإسلامية مع اظهار تقدمهم الصناعى والتكنولوجى وابرازه فى الدول المستعمرة لابهار الشعوب خاصة المثقفين مع ربطهم للحضارة باتباعهم وابراز ان التخلف والتأخر فى تمسك الشعوب بدينها وعاداتها وتقاليدها ، كل ذلك أوجد حالة من الإنهزام النفسى عند كثير من المثقفين فتعلقت قلوبهم وعقولهم بكل ما هو غربى ولم يفرقوا بين النافع والضار لمجتمعاتهم .

2- انتشار السينما والمسرح وسيطرة التيار التغريبى على تلك الوسائل ونشر أفكاره عبر دس السم فى العسل .

3- السيطرة على التعليم عبر منهج دنلوب الإنجليزى والمدرسين الأجانب والبعثات التعليمية للبلاد الأوربية والمدارس الأجنبية .

4- السيطرة على الصحافة ..

كل هذه العوامل ساعدت فى ذلك الوقت فى الثلاثينات على زيادة قوة التيار التغريبى ليس فى مصر فقط ولكن أيضا فى بعض البلاد الإسلاميه … وكان أخبث خطط التغريبيين التى تم تنفيذها عبر الوسائل الإعلامية ان جعلوا أعظم أهداف الشعوب هو الجلاء العسكرى للمحتلين فقط أما غير ذلك من فكر وعادات الغرب التى تخالف عقيدة وهوية الشعوب فقد سربوها للناس على أنها وسائل النهضة والتقدم والرقى وكى نلحق بركب الأمم القوية ، وظل الحال كذلك حتى الخمسينات، ولم يعرف خلع الحجاب طريقة إلا عند بعض المثقفين المتغربيين ومن قلدهم وانحصر فى نطاق ضيق ولم يتغير الوضع كثيراً مع رحيل الإستعمار وتغير الأنظمة الحاكمة ، ذلك أن الوطنيين الذين ملكوا زمام الحكم شربت عقولهم كل الأفكار الغربية ولكن مع ذلك التفوق التغريبى ظهر تواجد قوى تمثل فى الإخوان المسلمين وبعض الجمعيات الإسلامية ولكن فترة الخمسينات فى مصر تميزت بصدام الدولة مع الإسلاميين وايضاً فترة السيتينات وتزامن ذلك مع امتداد المد الشيوعى الى مصر فظهر تفوق للسفور وانتشر خلع الحجاب خاصة فى المدن وظهرت موضة المينى جيب والميكروجيب وكان ذلك لنجاح الفكر الغربى فى بناء قاعدة قوية موالية فى التعليم والصحافة والفن استطاعت مع ظهور التليفزيون وانتشاره أن تظهر تفوق التيار التغريبى فى معركة الحجاب مع خلو الساحة من النشطاء من التيار الإسلامى والمحافظ وضعف المؤسسة الدينية الأزهرية نتيجة كبت الحريات والإعتقالات واضطهاد التيار الإسلامى فى ذلك الوقت ، ولعل فى ذلك تأويلاً لحديث النبى صلى الله عليه وسلم ( صنفان من أمتىلم أرهما قط قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها ظهور الناس ونساء كاسيات عاريات .. ) ، وقد فسر الحديث انه مع اشتداد طغيان السلطة الحاكمة فى بلاد المسلمين يقترن بذلك ظهور النساء كاسيات عاريات ويؤكد ذلك التفسير الحكم الأتاتوركى فى تركيا والحكم البهلوى فى ايران وبورقيبه فى تونس الذى فرض خلع الحجاب على النساء فى تونس إلا أن هزيمة 67 كانت صدمة أعادت الناس الى الإسلام ووضح ذلك فى بداية السبعينات مع حكم الرئيس السادات فمع انه كان مولعاً بالغرب إلا أن حسابات الواقع فرضت عليه الانفتاح مع الإسلاميين وإخراجهم من السجون والمعتقلات فعاد التيار الإسلامى الى التواجد بقوة وازدادت معركة الحجاب سخونة فى مصر ، وظهر لأول مرة النقاب فى جامعة القاهرة وظهرت معارض بيع الحجاب فى الجامعات المصرية بأسعار زهيدة وانبرى الدعاة غير الرسميين يحملون اللواء فى معركة الحجاب عن طريق المنابر وأشرطة الكاسيت ، ولم يسكت التيار التغريبى الذى ازدادت قوته بانفتاح الدولة على الغرب سياسياً واقتصادياً وفى شتى المجالات وتبوأت الريادة فى الفريق التغريبى الصحفية أمينة سعيد وما لبث أن دخلت زوجة الرئيس السادات معركة الحجاب ففى حديث لمجلة فرنسية سئلت عن انتشار عادة الحجاب فى مصر ورأيها فى ذلك فأجابت ( إننى ضد الحجاب لأن البنات المحجبات يخفن الأطفال بنظرهن الشاذ وقد قررت بصفتى مدرسة فى الجامعة أن أطرد أى فتاة محجبة من محاضرتى .. )

وقد بلغ قلق التغريبيين من الحجاب مداه بعدما تعدت الدعوة الى الحجاب والإلتزام به التيار الاسلامى الى التيار المحافظ الى عامة الشعب ، وتميزت فترة السبعينات والثمانينات بظهور التيار السلفى بقوة بجانب الإخوان المسلمين فى معركة الحجاب لمواجهة المخالفين بالأدلة الشرعية الواضحة فى حكم فريضة الحجاب مما أعطى التيار الإسلامى قوة فى المعركة واندفع كل فريق فى المعركة مستخدماً أسلحته ، التيار التغريبى استخدم الصحف والمجلات والإذاعة وكان ظهور التليفزيون مع بداية السبعينات فى الريف والوجه البحرى والقبلى أثره البالغ فى التبرج وخلع الحجاب فضلاً عن السينما والمسرح ، ومن جانبه التيار الإسلامى استخدم منابر المساجد والجامعات ومعارض الكتب لبيع الحجاب وأشرطة الكاسيت وكانت قوته فى الالتفاف الشعبى حوله ، بينما كانت قوة التيار التغريبى فى طبقة النخبة من بعض المثقفين المتعلقين بالتغريب والفنانين والإعلاميين المتغربين واستطاع التيار التغريبى أن يؤلب النظام ضد الإسلاميين مستغلاً عدة أحداث فاصطدم النظام بالإسلاميين وكانت أحداث سبتمبر واعتقال معظم الدعاة أصحاب الدور الرائد فى معركة الحجاب .. وكان رد الإسلاميين عنيفاً فقتل السادات وقال الإسلامبولى قاتل السادات فى أسباب قتله أنه - أى السادات - استهزأ بالحجاب وقال عن الحجاب أنه خيمة فى إحدى خطبه ، واصطدمت الدولة بالتيار الإسلامى وانحسر المد الإسلامى فترة مؤقتة ثم عاد فى منتصف الثمانينات الوضع كما كان عليه من صراع ونزال بين الإسلاميين والتغريبيين فى معركة الحجاب ولكن فى تلك الفترة وقعت مفاجأة مذهلة حيث انضم لمسيرة الحجاب طائفة جديدة أحدث انضمامهم للروح الإسلامية نكسة وزلزلة عند التغريبيين وهم الفنانات المعتزلات التمثيل المعلنات عن ارتدائهن الحجاب ، ولم يفق التيار التغريبى من تلك الصدمة حتى الآن ، ولكنه اجتمع يوجه سهامه ضد تلك الفنانات بكل الطرق والأساليب ولكن كانت معركته معهم خاسرة حيث ازدادت أعدادهن ومن ثم لجأ أعداء الحجاب الى التشكيك وأدخلوا سلاحاً جديداً فى المعركة ضد الحجاب وهو الأفلام والمسلسلات ، واستطاع اعداء الحجاب ان يسستغلوا الصراع بين الدولة والتيار الراديكالى فى أحداث العنف التى وقعت فى بداية التسعينات فى الحصول على قرار بمنع دخول المنقبات الجامعات المصرية ودارت معارك قانونية استطاع فيها التيار الإسلامى ان يفوز بأحكام قانونية لصالح الحجاب ولكن أعداء الحجاب نجحوا فى التضييق على لبس الحجاب فى المدارس .

ولكن هل وقفت الحرب ضد الحجاب بعد مرور أكثر من مائة عام ؟ المؤكد أنها لم تقف وان كانت انتشرت فى أماكن كثيرة فى العالم الإسلامى بصور شتى ففى تركيا أرض الخلافة الإسلامية العثمانية سابقاً كانت هناك معركة من الدولة ضد الحجاب فى الجامعات بل وضد نائبة فى البرلمان بسبب ارتدائها الحجاب وفى تونس حرب متنوعة ضد الحجاب والمرأة المسلمةبأشكال متنوعة وسافرة.

الحرب مازالت مستمرة لم تقف ولعل ما قدمناه فى هذه الدراسة الموجزة عن المعركة والحرب ضد الحجاب فى مصر وغيرها من بلاد المسلمين يعطينا الرؤية للقرار الفرنسى بمنع الحجاب فهو يمثل انعكاساً للمعركة وحالة الإختلاف حول الحجاب فى بلاد المسلمين الذى يعد فرضاً شرعياً على كل مسلمة وليس رمزاً أو مظهر تستطيع المسلمة التنازل عنه ولكن نظراً لحالة الضعف والتفـلت من الأحكام الشرعية عند المسلمين وتساهل المسلمات فى شأن الحجاب كان صدى ذلك القرار الفرنسى الذى لم يجد حول الحجاب قوة تحفظ له مكانته فى بلاد المسلمين وازداد الأمر سوءاً بتساهل بعض المرجعيات الإسلامية فى الأمر<شيخ الازهر> وتقديم التبريرات والمسوغات للحكومة الفرنسية فى منع الحجاب مع أن القرار يتعارض مع علمانية فرنسا وحقوق الإنسان ولكن لما هان الأمر عند المسلمين كان اهون عند غيرهم من غير المسلمين .

ولعلهم يتساءلون فى حيرة لماذا تلك الضجـة اذا كان المسلمون لا يتمسكون هم بالحجاب .

ولكن الحقيقة ان الموقف يدل على زاوية أخرى وهو ان الغرب وجد ان علمانيته تحافظ على هوية المسلمين رغم التزامهم بالقوانين فلم يجد مفراً من الدخول فى المعركة لاثبات الذات والهوية الغربية التى نجح فى ترسيخها عبر وكلاء له فى دول المسلمين ويبقى ان المستجدات بالنسبة لكل تعارض مع أحكام الإسلام سوف تكثر لأن مناخ الضعف والتمزق والإنفلات من أحكام الإسلام والتسيب يسود العالم العربى والإسلامىوأيضا لالاننسى أن العولمةمن مقاصدها تذويب الهوية الاسلامية والفرصة متاحة اللأن فى ظل حالة العداء ضد الاسلام المعنونة بالحرب ضد الارهاب والحرب ضد الحجاب أهم مدخل لتفكيك هوية المرأة المسلمة التى هى نصف المجتمع وأساس الأسرة فان انعدمت هويتها تزلزل المجتمع وانهارت الأسرة اسلامياً وبقى الوجه الغربى ظاهراً فى الحياة فى بلاد المسلمين ولكن كما سبق هى معركة لها طرف آخر وهم المتمسكون بأحكام الإسلام الدين يجاهدون بكل الطرق للحفاظ على الهوية والحفاظ على المجتمع والأسرة ليظل الصراع مستمراً و يبقى أن الحرب ضد الحجاب مظهر ووجه من اوجه الصراع ضد الإسلام بأشكال وأنماط مختلفة ومتنوعة .
اضافة رد مع اقتباس